تجمع آراء المهتمين بكتابة تاريخ الجزائر، خاصة تاريخ الثورة التحريرية على أهمية العملية، من أجل المساهمة في حفظ الذاكرة الجماعية وتعريف الأجيال بتاريخ البلاد والأجداد، والتصدي لمحاولات تمجيد جرائم الاستعمار في الجزائر وتشويه وقائع تاريخية.
حرصت أكاديمية الذاكرة الجزائرية مكتب قالمة على المشاركة في هذه المبادرة، بهدف كتابة تاريخ هذه الولاية التاريخية بلسان صانعيه من خلال جمع أكبر قدر ممكن من شهادات مجاهدي ومناضلي هذه الولاية التاريخية.
وذكر “إ،ب”، المكلف بالإعلام بأكاديمية الذاكرة الجزائرية مكتب قالمة، أن هذه الشهادات تحتوي معلومات تخص التاريخ النضالي لكل مجاهد وأخرى تتعلق بمواضيع لها علاقة بالثورة التحريرية، على غرار الوحدات العسكرية بالولاية، دور المرأة و الجرائم المرتكبة من قبل الجيش الفرنسي والمساجين والمعتقلين والفارين من الجيش الفرنسي ودورهم وقادة وضباط هذه الولاية.
و أشاد أعضاء الأكاديمية، بالاهتمام الكبير الذي أولاه المجاهدون لهذا المشروع، الذي سيمكن عقب انتهائه من وضع بنك معلومات يضم تفاصيل عن كافة الأحداث والمعارك التي شهدتها ولاية قالمة التاريخية.
وحسب المكلف بالإعلام لدى أكاديمية الذاكرة الجزائرية، جُمع عدد كبير من شهادات المجاهدين والأشخاص الذين عايشوا فترة الثورة التحريرية منذ بدء العملية، خاصة في الأرياف من نساء وممن تجاوز سنهم العشرة سنوات خلال تلك الفترة والذين اعتبروا شهود عيان”.
ولم يتردد العديد من المجاهدين أيضا في تسليم مختلف الوثائق والملفات الخاصة بالثورة التحريرية، وحتى صور العديد من الشهداء المعروفين بتاريخهم النضالي.
دعم والتفاف
تعرف مبادرة تسجيل الشهادات التاريخية للمجاهدين بأكاديمية الذاكرة الجزائرية الهادفة إلى الحفاظ على تاريخ وتراث الجزائريين التفافا ملحوظا من قبل مجاهدي ولاية قالمة الذين تطوعوا لتقديم شهاداتهم لنيل شرف المشاركة في كتابة تاريخ أعظم الثورات التحريرية.
يقول مراد عاتي، أستاذ بجامعة قالمة، ورئيس أكاديمية الذاكرة الجزائرية في تصريح لـ”ذاكرة الشعب”، إن الأكاديمية تسابق الوقت لجمع وتسجيل أكبر عدد ممكن من شهادات المجاهدين، لأن العديد من الشهادات المهمة ضاعت بسبب وفاة مجاهدين معروفين بتاريخهم النضالي، وأشار إلى أن هذه المادة الخام ترسل بشكل دوري إلى الوزارة الوصية، فضلا عن وضعها تحت تصرف الطلبة والأساتذة الجامعيين.
ويضيف الأستاذ عاتي، أن معظم مجاهدي الولاية يعتبرون مشاركتهم في هذه المبادرة واجب وطني و أمانة الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل تحرير وطنهم، وهذا بغية الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتوثيق بطولات ومآثر أبطال آمنوا باستقلال بلادهم وتعريف العالم بها”.
ويركز أعضاء أكاديمية الذاكرة الجزائرية بقالمة على تسجيل شهادات المجاهدين الذين يتم استقبالهم، على عدة نقاط أساسية أبرزها الرتب والمسؤوليات التي تقلدوها طيلة نضالهم مع جبهة التحرير الوطني وحيثيات التحاقهم بصفوفها واسمائهم الثورية، وانخراطهم في العمل السياسي قبل اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر.
إضافة إلى معلومات تخص المعارك أو العمليات التي شاركوا فيها وأسماء الشهداء أو المجاهدين الذين كانوا معهم، لاسيما أسماء القادة، إلى جانب أسئلة تخص السجن أو الوقوع في الأسر وظروف إطلاق سراحهم أو فرارهم على أن يفسح لهم المجال في نهاية المقابلة للإدلاء بمعلومات أخرى لم يتم مساءلتهم عنها.
ومن بين هؤلاء المجاهدين الذين أبوا إلا أن يشاركوا في هذه المبادرة، لعفيفي حسين، 87 سنة المعروف بـ”علي شباب”، الذي عمل طيلة مساره الثوري فدائيا بولاية قالمة، وفي ولايات أخرى، كذلك المجاهد صالح غازي، أحد أبطال السلاح بتونس، وشهادات موثقة للمجاهدة الراحلة دادو الطاووس.
وتعمل أكاديمية الذاكرة الجزائرية على مراعاة الظروف الصحية للمجاهدين الذين يتعذر عليهم التنقل لمقر الأكاديمية، حيث يتم التنقل إلى مقر سكناهم لسماع شهادتهم وتسجيلها.