تعتبر منطقة بني ثور وبغلية، وتاورقة مناطق ثائرة كبقية مناطق القبائل الكبرى والصغرى، استجابت لنداء الثورة ضد الإستعمار الفرنسي.
هي محطات تاريخية دونها الباحث رشيد قاسيمي في كتاب بعنوان “ومضات تاريخية من تاريخ القبائل السفلى وبغلية، قرية أعزيب الشيخ”.
يتناول هذا المؤلف، المواقف التاريخية للمنطقة التي دفعته لكتابة تاريخها وتدوين ما تزخر به من مواقع وأحداث تاريخية هامة، من الوجود الروماني والتركي إلى الحقبة الاستعمارية.
حاول جمع الشهادات من أفواه من ساهموا في صنعها، واعتمد على مراجع تاريخية هامة من كتب ومجلات وجرائد، ليكون بحثه قاعدة انطلاق لكل الباحثين والمؤرخين في المستقبل القريب.
تطرق الباحث إلى معركة أعزيب الشيخ ببغلية، ونقل شهادات تسع مجاهدين بالمنطقة.
معركة تاورقة
يقول الباحث إن أهالي عمراوة السفلى ثاروا بقيادة أحمد عمر بن محي الدين ابن الحاج عمر بن محي الدين، من خلال هذا النداء الذي وصل زعماء العروش، والقبائل لبت منطقة تاورقة وبغلية وبن شود النداء فكانت مسرحا لمعارك طاحنة.
ويذكر قاسيمي معركة تاورقة بتاريخ 15ماي 1871،تقابل فيها جيش الجنرال لالمانLALLEMEND الذي كان بتيزي وزو متجها إلى برج سباو، ومكث هناك ليلة 16ماي1871، وفي الصباح قسم جيشه فرقتين انطلقت على الساعة السادسة باتجاه تاورقة.
الفرقة الأولى وجهت إلى الناحية الشرقية للمدينة، وتعرف المنطقة بباب معسل، والفرقة الثانية أرسلت إلى الناحية الغربية بقرية بوحباشو.
ويشير الباحث إلى حفر المجاهدين خنادق على طول هضبة تاورقة، تمتد من كتف عامر بناحية بوحباشو الى أعفير، أين توجد إقامة الحاج عمر بن محي الدين أو مقر المدينة الرسمية.
وتعرف اليوم بالوحدة الإدارية والاجتماعية S.A.S، وهو مركز عسكري شيدته فرنسا في جويلية 1957،على أنقاذ برج المراقبة العثماني.
يتمتع بموقع استيراتيجي ممتاز، جعلته فرنسا مركزا للتعذيب والاستنطاق إبان الثورة.
ويقول بعض المؤرخين إن ترسانة الجيش الفرنسي كانت تفوق ترسانة المجاهدين بأربع مرات،لكن رغم إستخدام المجاهدين الأسلحة البدائية، وتقنيات الحرب التقليدية، إلا أنهم أظهروا مقاومة عنيفة تجاه الجيش الفرنسي.
طبقت فرنسا سياسة الأرض المحروقة،وأمام هذه الطريقة البشعة وتعداد الجيش الفرنسي بدأت المقاومة تتراجع، وتفشل حتى حدود الساعة الرابعة مساء أين وضعت المعركة أوزارها.
ويقول قاسيمي: “قال أحد الضباط الفرنسيين الساميين عبارة عرفان وتقدير”من حظنا أنهم كانوا لا يملكون أسلحة متطورة وحديثة، وكانت لهم أسلحة قديمة وبدائية لأنهم شجعان”.
فعند تراجع المجاهدين وانسحابهم بدون استسلام، انصرفوا عبر الطرق وممرات سرية لا يعلمها المستعمر، واتجهوا نحو دوار عطوش وعرش بني سليم، ولكن عملاء فرنسا أطلعوها على وجهة المجاهدين.
اتبعتهم القوات الفرنسية بقيادة الضابط السامي فوسمان Faussmagne، إلى أن وصل إلى عين الأربعاء ما بين دوار تاورقة، ودوار عطوش على مستوى سفح جبل يدعى”كاف ذامرابط”، أين وجد مقاومة أخرى عنيفة ومنظمة من طرف الأهالي،وأهل عرش بني سليم وكذا أفليسن لبحر.
أرسل الضابط فيلق من المشاة وجماعة من الجنود المخضرمين Zouaves، إلا أن المجاهدين أظهروا مقاومة كبيرة وباسلة، وتمكنوا من ردع الفيلق وتعطيل حملته، حسب المصادر التاريخية.
ويضيف الباحث أن نفاذ الذخيرة لدى المجاهدين اضطرهم للتراجع ناحية تيقولمامين، وعطوش، وعندما أحصى الضابط الفرنسي خسائره البشرية من الموتى والجرحى ظهرت عليه علامات الغضب، وأصر على الانتقام.
عاد إلى مدينة تاورقة وعلى مستوى مكان بأعالي المنطقة يدعى الجمعة، نصب مدافعه نحو المدينة أو القرية مقر أهالي تاورقة خاصة مقر سكن عائلة الحاج عمر بن محي الدين انتقاما منهم،و ذلك يوم 17ماي 1871.
هزيمة القائد فوسمان
وفي اليوم الموالي، واصل الضابط طريقه إلى بني واقنون، لكي يلاحق المجاهدين المنسحبين ويؤدب أهالي عرش بني سليم وفليسة لبحر، على حد قوله،لكن المجاهدين بقيادة علي نايت قاسي سدوا عليه الطريق على مستوى أزرو بالحجارة، وجذوع الأشجار والأشواك.
استعملوا كل ما يعيق الحركة ويضيع وقتا في إزالتها عن الطريق،عندها وجد الضابط نفسه مرغما على تغيير الطريق،فمر عبر طريق أذرار إلى عطوش،وفي طريقه اعترضه المجاهدون بمقاومة عنيفة ودامية.
ويؤكد من عايشوا المعركة، أن الجيش الفرنسي تلقى خسائر كبيرة في الجند والعتاد،واضطر الضابط إلى التراجع وتغيير الخطة مرة ثانية،فحاول الهجوم على مستوى واد بريكة أين يختبئ المجاهدون فباغتوا الجيش الفرنسي مرة أخرى،ما أجبرهم على التراجع وإعادة تنظيم الجيش مرة أخرى.
لكن الخسائر التي تكبدها الجيش الفرنسي، بسبب تضاريس المنطقة الوعرة جعلته يتقهقر ويضعف، ونتيجة لهذه الأوضاع تراجع الضابط الفرنسي فوسمان،وعاد منهزما إلى تاورقة لينظم إلى بقية الجيش بقيادة لالمان الذي قرر ترك تاورقة، و الذهاب إلى دلس.
معركة أعزيب الشيخ ببغلية
يروي الباحث قاسيمي تفاصيل معركة أعزيب الشيخ ببغلية بتاريخ 17أفريل 1871،على الساعة السابعة صباحا تحرك جيش المقاومة بقيادة سي علي نايت قاسي،ومعه 15ألف مجاهد، قام بحرق مركز الجيش الفرنسي بواد عيسي ومركز اسياخن أومدور.
وبعد هاتين العمليتين، أخذ الجيش قسطا من الراحة، وقام القائد بإعادة النظر في تنظيم الجيش وقسمه إلى ثلاثة فيالق أساسية:
الفيلق الأول بزعامة ابن عمه محمد أمقران ابن الباشاغا بلقاسم أوقاسي، فأمره القائد بالتحرك مع ضفاف واد سباو والتوجه نحو دلس.
والفيلق الثاني بقيادة سي محند أوعلي القاضي،توجه نحو أعالي حسناوة ثم بوهينون ثم الزحف على ذراع بن خدة أين يمكث هناك.
الفيلق الثالث بزعامة القائد علي أوقاسي ،اتجه إلى تيزي وزو ولكنه في آخر لحظة غير اتجاهه نحو مقصد الفيلق الأول حتى بلغ الفيلقان برج سباو.
ومنه واصلا المسير إلى سهل بغلية الجنوبي.
وعلى مستوى بغلية حاصر جيش علي أوقاسي القرية أو المدينة الفرنسية،فاجتمع المعمرون في المدرسة،وراحوا ينتظرون الحماية والمدد من الجيش الفرنسي،ولكن هذا لم يتم ما جعلهم يقاومون رفقة جماعة من الجند المستقرين بالمدينة لحفظ الأمن.
تقول بعض الروايات أن، معركة طاحنة ودامية، قام فيها الأهالي بجمع أكوام من الكلأ والحطب وأحاطوا به المدرسة وسكناتها،وأضرموا عليها نيران مهولة،أحدثت دخان كثيف.
يقول المؤرخون بان المشهد كان مؤلما لا يمكن أن يتصوره العقل،بحيث أتت النيران على كل شيء،فلا تسمع غير الصراخ والعويل.
أم ترثي إبنها الشهيد
حكمت الإدارة الإستعمارية، على عمر أوقاسي وأخيه محمد بخمس سنوات سجن نافذة،ونفس مدة الحكم طالت الحاج عمر بن محي الدين وبنيه سعيد وعلي ،بينما حكم على أحمد عمر وعلي بن عزوز ومحمد مزيودان بالإعدام بالمقصلة ببغلية،رثت الأم ابنها الشهيد بقصيدة شعرية طويلة هذه بعض أبياتها:
يا أحمد عمر يا بوزوج شواشي.. أداوك لعزيب الشيخ يتفرج فيك الغاشي
يا أحمد عمر يا بوزوج برانس.. أداوك لعزيب الشيخ يتفرج فيك السبايس
يا أحمد عمر يالشاطر ياللي.. راسك طار وأنت مازال تستغفر
يا أحمد عمر يالمجاهد ياللي.. راسك طار وأنت مازال تشهد
يا أحمد عمر يا بوربعين ذراع.. فينة أداوك لعزيب الشيخ تحزن يماك يمينة
يمينة تبكي وتدور.. على سي أحمد عمر اللي مات مغدور
يمينة تبكي ودادي.. على سي أحمد عمر ندخل لسركاجي
يمينة تبكي ودادي.. وتقول وين ربحوا أولادي
وبعد نهاية المعركة على مستوى بغلية، انتقلت المقاومة إلى ضواحي عرش بني ثور،وبالتحديد إلى بن شود أين كان يقطنها بعض المستوطنين.
قام أهالي بني ثور بمهاجمة المستوطنين، فأحرقوا مزارعهم وبساتينهم،وقام بعض المعمرين بمواجهة المقاومة ولكنهم سرعان ما لقوا حتفهم،وبقية المعمرين فروا بأنفسهم وذويهم إلى مدينة دلس.
جاء في المجلة الأفريقية قول أحد المستوطنين كان يملك أراضي فلاحية،وعايش أحداث ثورة 1871: “بدأت تنبت في عقول الأهالي ابتداء من 4سبتمبر 1871 ،بدأت ألاحظ ذلك خلال أيام السوق الأسبوعي ببغلية (سوق الإثنين)،وكذلك في الطرقات والقرى عند ذهابي إلى الصيد، لاحظت أمورا توحي إلى أن هناك شئ يحضر ويهيأ”.
قام القائد سي علي أوقاسي، بحث قرى ومداشر عمراوة العليا والسفلى،بحمل السلاح والإستعداد الجيد لخوض الثورة،وفي بغلية انطلقت الثورة في 18أفريل 1871.
استهدفوا مصالح من مزارع وبساتين المستوطنين، كان أول قتيل المعمر بلونكBlanc،كان ذلك على الساعة الخامسة مساء،كان يشغل منصب معلم بمدرسة بغلية (روبوفال)،بعدما كان فارا باتجاه دلس سلك الطريق المختصر فوقع بين أيدي الثوار.
وفي السابعة مساء جاء دور المستوطن رونشونRonchon الذي كان صاحب فندق ببغلية.
فبينما كان فارا إلى دلس على متن عربة خيل لقي حتفه قبل أن يصل إلى المدينة ب3كلم، و تلقى رجل كنيسة بغلية وثلاثة أشخاص معه من المعمرين حتفهم رميا بالرصاص،وبمدينة بغلية ومدرسة المدينة الأوروبية بقي 11معمرا محاصرا وفي مواجهة أهالي بغلية.
ويؤكد الباحث قاسيمي استنادا لوثائق تاريخية أن، الإدارة الإستعمارية عبرت عن سخطها وحقدها الدفين اتجاه الجزائريين، بمتابعة المتورطين في المقاومة الشعبية قضائيا،فمنهم من أعدمتهم ومنهم من سجنتهم وأخرون نفتهم إلى مستعمرات فرنسية مثل سوريا،كاليدونيا،غوييانا…
بيع أراضي الجزائريين بثمن بخس للمستوطنين
إضافة إلى مصادرة أراضي السكان الأصليين،فبيعت هذه الأراضي بالمزاد العلني بثمن بخس للمستوطنين النازحين من أوروبا، وأعطي الكثير منه هبة لبعض المستوطنين المعروفين، وراحت تطبق مرسوم 31/10/1845،يتعلق بالحجز على الممتلكات والأراضي، وتطبيق الحجز الإجمالي في منطقة القبائل على إثر ثورة 1871.
قدرت الأراضي المصادرة على مستوى حوض واد سباو، والقبائل أكثر من 500الف هكتار وحجز ملكية تقدر بـ2.5 مليون هكتار، وبدلس كانت الأراضي المحجوزة تقدر بـ3095هكتار وغرامة مالية بـ11444100فرنك فرنسي.
وما يؤكد حقدها البغيض للشعب الجزائري، هو طرده إلى المناطق القاحلة والجبلية الوعرة القاسية،وتعتبر بغلية وتاورقة منطقتين هامتيتن على مستوى عمراوة السفلى.
وقد صودرت فيها كثير من أراضي الخواص مثل أرض عائلة موح قاسي ببغلية، وعائلة بن محي الدين بتاورقة والقائمة طويلة.
ونتيجة لهذه السياسة تضاعف عدد المستوطنين بالمنطقة، بسبب التسهيلات التي قدمتها فرنسا لهم،ومن أبرز المستوطنين الذين إحتلوا أراضي بغلية، Grima,Léon-Bissou,Ferra,Revol,Réunis,Him,Lambert, François,cronniaque,Sierra.
يقول سعيد مشدال بأن عائلة فيراFerra، قبل حصولها على أراضي بالكوانين سكنت كهفا بغاية الكوانين وكانوا لا يملكون قوت يومهم،ويرتدون ملابس بالية لا تستر عوراتهم.
وبعد هؤلاء المستوطنين جاء مستوطنون آخرون، اشتروا أراضي من مستوطنين سبقوهم واغتصبوا الكثير منها.
ويشير الباحث إلى أنه، أمام هذا الوجود المكثف للمستوطنين،أنشأت فرنسا المدن والتجمعات السكنية الخاصة بهم،وتعرف هذه التجمعات باسم المدن الأوروبية.
وغيروا تسميات بعضها مثلما حدث لبغلية التي أطلقوا عليها اسم روبوفالRebevalو تاورقة التي سميتHorace-Vernet،وتادميت التي لم تكن موجودة أصلا وأطلقوا عليهاCamp-De-Marchal.
هؤلاء المستوطنون ينحدرون من جنسيات أوروبية مختلفة منهم، الفرنسيين بالدرجة الأولى ثم الإسبانيبن،الإيطاليين،البرتغاليين،السويسريين.
تدمير النسيج الاجتماعي للعائلات
وبعد الاستقرار في الأمن والمسكن اهتمت فرنسا بالتنظيمات الإدارية،وأول ما قامت به إحصاء شامل للجزائريين، وإعطائهم لقبا عائليا ثنائيا جديدا يعرف به جميع أفراد العائلة، بعد ما كان لهم اسما ثلاثيا، وذلك تطبيقا للقانون الفرنسي الصادر يوم 26جويلية 1873،الذي ينص على التسمية الجديدة للعائلات.
فراحت تطلق أحيانا أسماء غير لائقة بكرامة الإنسان،منها ما هو مخل بالحياء، فنجد ما هو من الحيوان،الخضر،الفواكه،الأنعام،الملبس،أعضاء الجسم الجسدية والجنسية.
يقول الباحث: “شارك القايد في تسميته لبعض العائلات، وان كانت مقبولة في غالبيتها وهناك من كان له الحظ في اختيار الإسم المناسب له”.
ويضيف: ” فهذا القانون الجديد الذي جاءت به فرنسا، هدفت من ورائه تفتيت اللحمة الوطنية وتشتيتيها، فتزرع من خلال ذلك الصراعات الطائفية،والعشائرية،والعائلية،خاصة فيما تعلق بحقوق الميراث والملكية العامة و الخاصة”.
ومن بين العائلات التي تشتت وانقسمت إلى أسر وعائلات، يذكر الباحث قاسيمي عائلتي أعراب وبويحياوي اللتان يعود نسبهما إلى شيخ الزاوية بناحية أزفون المدعو سيدي يحي بن أعراب،و عائلة جمعة وتيكلي وهداي واوذني التي تنحدر من الساقية الحمراء.
وعائلة حماني التي تنحدر من أيت منقلات، والتي انقسمت إلى سبع أسر هي حماني، كرار، حامق، قلال، حلاج، وعائلة أوقاسي التي انقسمت بدورها إلى أسر منها أوقاسي، نايت قاسي، أيت قاسي، قاسيمي، جبار،جاووت.
وفي تاورقة تجد عائلة بوداود وديخلي ويحياوي،وأجعوت،التي تنحدر كلها من نفس النسب، وانقسمت عائلة بني محي الدين إلى أسرتين هما بن محي الدين ومحي الدين.
ويذكر الباحث أهم العائلات التي سكنت بقرية أعزيب الشيخ إلى غاية 1891، هي صابري، سمروني، علالو، فرحات، حمداني، حجال، لجامي، سباوي، بوسعد، بوعراب، حربوش، حساين.
ويقدر عدد العائلات آنذاك 105عائلة، دون إحتساب العائلات التي طردت وسلبت منها أرزاقها من طرف الإستعمار الفرنسي.
وعمدت الإدارة الإستعمارية أيضا إلى، إنشاء ثلاث أنواع من البلديات وهي:البلدية الخاصة بالسكان الأصليين والتي يسيرها حاكم جزائري مثل القايد، أمين القرية،شيخ الدشرة.
البلدية المختلطة وهي التي تخضع لحاكم أوروبي بمساعدة حاكم أو مسؤول جزائري، والبلدية الخاصة بالمستوطنين، يسيرها الحاكم الأوروبي،ولهم سجلات خاصة بهم،وهناك من السكان الأصليين الذين انضموا إليهم، وسجلوا أنفسهم ضمن هذا السجل بعدما غيروا جنسيتهم.
ولجأت فرنسا إلى المشاريع الإستثمارية، جعلت المستوطنين يستغلون اليد العاملة الجزائرية أبشع إستغلال،واستثمرت الوضعية المزرية للجزائريين على هذه الحالة إلى غاية الإستقلال.
في المقابل سلط الباحث الضوء على الوضع السياسي بالمنطقة، ويؤكد أن الظروف كانت مهيأة ومحضرة معنويا وماديا.
وبعد 1943ظهر على الساحة نشاط سياسي كبير بفضل السياسيين المحنكين والمختصين، ونشاط آخر ذو طابع عسكري ويتمثل في المنفيين أو الشباب الفارين من النظام الفرنسي القاهر،وهناك جماعة كبيرة منهم فرت بأسلحتها من الثكنات ولجأو إلى الغابات، منهم قالمي امحمد، محمد عبديش ومحفوظ، شرادي رابح، صبحي احمد، بن دحمان سعيد وغيرهم، كلفوا بمتابعة والعملاء.
وزار المنطقة شخصيات وطنية منها زعيم الحركة الوطنية مصالي الحاج.
التحضيرات للثورة
في بداية 1954 اشترت جبهة التحرير الوطني مطبعة لإصدار جريدة الجزائر الحرة بقيمة 40مليون فرنك،وكانت الجريدة تباع على مستوى المدن وأيام الأسواق الأسبوعية (بغلية،دلس،سيدي،داود،تاورقة…).
تكفل بودربالة،عمرو بن سعيد وصديقه محمد العامري بسيدي داود ببيع الجريدة، فألقي القبض عليهم و وعذبوا عذابا شديدا.
من أهم المناضلين الذين كانوا يشرفون على توزيعها وبيعها محمد الحداد بن علي بن بلقاسم،بودربالة محمد بن السعيد، شرابة محمد بن محمد، الحداد علي بن الصغير.
وتحدث الباحث عن التحضيرات للثورة ، بعد زيارة كريم بلقاسم المنطقة ودفعت الإشتراكات، وشرع في تكوين الخلايا العسكرية للثورة، والتدريب على الأسلحة من فك وتركيب وفنيات القتال، وكان ذلك في جوان 1954.
وكانت مجموعة من المناضلين تجمع العلب الحديدية بهدف صناعة القنابل اليدوية، واشترى صاحب البيت الذي اجتمع فيه محمد بن صيبي مصدرا حراريا للتلحيم لتصنيع قنبلة يدوية، حسب شهادات مجاهدي المنطقة التي دونها الباحث قاسيمي.