تعتبر معركة أقني أوزيضوض (هضبة الحمام) بالولاية التاريخية الثالثة والتي جرت ببلدية إفليسن شمال ولاية تيزي وزو، حدثا تاريخيا وشاهدا على شجاعة وعزيمة جيش التحرير الوطني على التضحية ومواجهة القوات المسلحة الهائلة للجيش الاستعماري الفرنسي من أجل استقلال الجزائر.
ونشبت هذه المعركة في 9 أكتوبر 1956، حسب شهادة المجاهد السابق محمد منصور البالغ من العمر اليوم 82 عاما، وهو ابن قرية أدرار بإفليسن، وكان من الناجين من هذه المعركة التي نشر فيها الجيش الفرنسي كما هائلا من الجنود والعتاد الحربي. “كان ذالك يوم الثلاثاء”، كما قال المجاهد.
وجاءت معركة اقني أوزيضوض التي لقبت بـ”عملية جناد” والتي جندت لها فرنسا الإستعمارية ترسانة حربية ثقيلة، محاولة منها للانتقام من جيش التحرير الوطني الذي أفشل خطة “العصفور الأزرق” التي أعدها العدو لإفشال الثورة في الولاية التاريخية الثالثة، من خلال محاولة تشكيل جيش عميل.
للتذكير، فقد لقيت عملية “العصفور الأزرق” فشلا ذريعا بفضل حنكة جيش التحرير الوطني الذي تمكن من خداع فرنسا واستخدم هذه العملية للحصول على الأسلحة لفائدة الثورة.
وأشار محمد منصور أن عملية جناد، التي يتذكر أحداثها بوضوح و”كأنها جرت أمس”، كانت حملة عقابية ضد المجاهدين، بعد الفشل المرير لمحاولته إنشاء جيش عميل في الولاية التاريخية الثالثة”.
وأضاف قائلا: “المشاهد المروعة لوابل النيران التي اجتاحت المنطقة خلال معركة أقني أوزيضوض التي بدأت يوم الثلاثاء على الساعة السابعة والنصف صباحا مع وصول الطائرات الحربية والطوافات، وانتهت يوم الجمعة، لا تزال محفورة في ذاكرتي بوضوح حتى اليوم”.
في اليوم التالي، أي يوم الأربعاء، قام المستعمر بإقحام السفن الحربية في المعركة التي كانت بعرض البحر بأزفون، حيث كانت تقصف ساحل المنطقة بأكمله من سي يحيا حتى قمة أقني أوزيضوض.
صد العدو بترسانته المفرطة
وحسب ما تم تدوينه في وثائق عن المعركة، تحصلت عليها وأج من المتحف الجهوي للمجاهد بولاية تيزي وزو، فإن الجيش الإستعماري حشد، في إطار عملية جناد، ترسانة كبيرة، من بينها الفرقة 27 للمشاة الألبيين، و10 فيالق 7 منها للقناصين الألبيين، وفيلقين للمظليين، وفيلقين كذلك للمدرعات وسفن وطائرات حربية.
وحشد الاستعمار الفرنسي لهذه المعركة حوالي 10.000 جندي، ورغم قلة عتاد جيش التحرير الوطني وجنوده، مقارنة بحشود فرنسا، تمكن من مواجهة قوات العدو بفضل عزيمة وتصميم وشجاعة المجاهدين الذين كان سلاحهم الأقوى هو رغبتهم القوية في تحرير البلاد.
إن مقاومة مجاهدي منطقة آث جناد الذين تلقوا الدعم من مجاهدي الناحية 3 وسيدي نعمان، كلهم مستعدون للموت في ميدان الشرف لتحرير البلاد من نير الاستعمار، مكنتهم من صد العدو، بعد 5 أيام من القتال.
وحسب نفس الوثائق، فقد استشهد خلال هذه المعركة 109 مجاهدا، معظمهم من إفليسين ومزرانة وسيدي علي بوناب وآث جناد.
وكانت الخسائر جمة بالنسبة للعدو، إذ تمكن جيش التحرير الوطني من القضاء على 400 جندي فرنسي وتدمير العديد من الآلات الحربية منها شاحنات وعربات قتالية، كما تمكن جيش التحرير الوطني من جمع العديد من الأسلحة.
وقال المجاهد السابق محمد منصور : “كنت أثناء معركة أقني أوزيضوض في السادسة عشرة من عمري، قدمت أنا ورفاقي في الكفاح شبابنا لتحيا الجزائر ولست نادما على ذلك لانني سأفعل الشئ نفسه لوعاد بي الزمن الى الوراء”. وخلص الى: “لا تزال ذاكرتي قوية ما سيمكنني من مشاركة ذكريات هذه المعركة التي تعتبر جزء مهما من الثورة التحريرية، مع الأجيال الناشئة ليعرفوا تاريخهم”.