استعمل الأغنية كسلاح لتجنيد المناضلين والمتعاطفين حول القضية الجزائرية النبيلة لاستعادة السيادة المنهوبة،إنه الفنان علاوة زروقي.
صوت من أصوات الثورة، فنان ملتزم وضع صوته في خدمة النضال والكفاح من أجل استقلال الجزائر. ترك الفقيد رصيدا ثريا من الأغاني والأناشيد القومية تدعو إلى الالتزام و الالتحاق بالكفاح المسلح ضد المحتل الفرنسي.
بعشر أغان مكرسة للثورة، كان الفنان ينشط بمقهاه بباريس حفلات منحت مداخيلها لفيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا لدعم الكفاح المسلح من أجل الاستقلال.
سجلت أول اسطوانة له في 1948 بباريس، نشيد وطني بعنوان “يا لحباب اليوم كفاح” وهو نداء للتمرد ضد الاستعمار، إلى جانب العديد من المؤلفات الأخرى حول المنفى و الحنين إلى الوطن الأم.
سجل علاوة زروقي أغنية ” لجواب نواسن” (جواب ذلك اليوم) تكريما للشهيد العقيد عميروش، الذي سقط في ميدان الشرف في 1959 و”لعلام ادزاير”(علم الجزائر)، وهي أغنية مخصصة لاستعادة السيادة الوطنية وإدانة أولئك الذين بايعوا العدو، و أغنية “ربي لفضليك موقر” (الله ما أكبر نعمتك) تنديدا بالوضع الاجتماعي للجزائريين في تلك الحقبة.
وقد تحدث الكاتب رشيد أولبصير كثيرا عن التزام علاوة زروقي، وأشار إلى أن الفنان باع كل ممتلكاته وأراضيه للمشاركة ماديا في الكفاح من أجل استعادة السيادة الوطنية.
للعلم، التحق علاوة زروقي المولود في 5 جويلية 1915، بمنطقة أمالو، قرية صغيرة تقع على مرتفعات صدوق (بجاية) بالمدرسة القرآنية بقريته، واختار منذ صغره طريق الفن.
غادر الفنان قريته ليستقر في منطقة أقبو ثم بجاية أين استفاد من الفنون و الآداب، مارس ببجاية العديد من المهن الصغيرة قبل أن يختار الحلاقة ما سمح له بالاحتكاك بفنانين وموسيقيين في محله الصغير.
تعرف علاوة زروقي على موسيقيين موهوبين مثل عازف الكمان بوجمعة كديم ومحمود بعلي اللذان قاما بتعليمه العزف على الآلات الموسيقية، قبل أن يلتحق بالمدرسة الأندلسية للشيخ صادق ابجاوي أحد كبار موسيقى الحوزي أين تعلم أساسيات الغناء.
وخلال الحرب العالمية الثانية، غادر زروقي الجزائر متوجها إلى فرنسا، مارس عددا من المهن الصغيرة.
التقى بفنانين جزائريين من عصره مثل الشيخ الحسناوي وسليمان عازم، قبل أن يسجل أول اسطوانة له لدى باتي ماركوني.
وعند اندلاع الثورة في 1954, سجل الفنان أغانٍ عديدة تعبر عن التمزق والحب وخاصة الانفصال عن زوجته التي التحقت بالكفاح المسلح ضد المحتل.
وقد كرس علاوة زروقي نصوص عديدة لفقدان زوجته التي استشهدت في 1961 بالجبال.
وبعد عودته إلى الجزائر، نظم في 1965 جولة فنية في مدن عديدة قبل وفاته بسنوات قليلة.
يرى الباحث والمتخصص في التراث الموسيقي الجزائري عبد القادر بن دعماش صاحب كتاب “سيدي عيش”، و”يليس نتمورث” (فتاة من البلد)، و”الفافور” (السفينة) و “تاسكورت” ( الحجلة) أن اسم المطرب الكبير علاوة زروقي لا يزال ينير سماء الفن الجزائري حتى يومنا هذا.
وسلط الأكاديمي والصحفي والكاتب رشيد مختاري الضوء على مسيرة علاوة زروقي وإسهامه في الشعر المناهض للاستعمار في كتابه “أغنية المنفى: أصوات الوطن (1939-1969)”.
توفي الفنان زروقي يوم 17 نوفمبر 1968 بعد مسيرة فنية ونضالية كرسها لخدمة الوطن الأم الذي لطالما مجده من خلال أعماله الموسيقية الغنية بنحو عشرين أغنية.