شيخاوي الزهرة، والدة الشهيد كروم قويدر، والمجاهد الراحل نور الدين كروم ، واحدة من نساء الجزائر اللائي قدمن فلذات كبدهن قربانا للحرية والانعتاق من نير الاستعمار الفرنسي البغيض.
تتذكر شيخاوي الزهرة، بفخر في سن القرن وخمسة أعوام (105) ثمن تضحيتها الغالية وحرقتها لفقدانها ابنها الشهيد ولقبوع ولدها الثاني في سجون الاستعمار لمدة 5 سنوات.
هذه السيدة المولودة بمنطقة سبدو بولاية تلمسان في ديسمبر ،1918 والتي كرمت مؤخرا من قبل مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية وهران بمناسبة اليوم الوطني للهجرة، تفتخر بكونها أم كروم قويدر، الذي أستشهد في 1957 بضواحي مدينة أولاد ميمون بولاية تلمسان وعمره لا يتجاوز 21 سنة، و المجاهد كروم نور الدين، الذي التحق بثورة أول نوفمبر 1954 في سن ال16 ليلقى عليه القبض ويقبع في السجون إلى غاية الاستقلال.
وقالت شيخاوي، المقيمة مع ابنتها وحفيدتها بمدينة أرزيو، إنها عانت الكثير في تربية أبنائها الخمس (الشهيد والمجاهد وثلاث بنات) لوحدها بعد وفاة زوجها، واضطرت للعيش مع والدها وإخوتها، الذين ساعدوها في التكفل بأطفالها قبل أن يقرر ابنها البكر قويدر- بعد وفاة جده – ترك مقاعد الدراسة بكلية الطب بالجزائر العاصمة و العمل ليعيل أفراد عائلته.
وتتذكر الأم الشجاعة باعتزاز وآسى أن ابنها البكر المولود في 1936 ، التحق بصفوف جيش التحرير الوطني بداية 1957 واستشهد بعد ثلاثة أشهر فقط رفقة ابن شقيقها محمد شيخاوي، لتحرير الجزائر في معركة ضد العدو قرب مدينة أولاد ميمون، بولاية تلمسان ودفنا من قبل إخوانهما المجاهدين دون أن تتمكن من رؤية جثمانيهما.
ولم تتوقف تضحياتها عند هذا الحد، التحق ابنها الثاني نور الدين، في السن الـ 16 عاما بصفوف الثورة التحريرية واشتغل في صنع القنابل والمتفجرات قبل أن يلقى عليه القبض من قبل السلطات الاستعمارية التي زجت به في السجن.
وبقيت هذه المرأة الشهمة صابرة محتسبة يغمرها أمل العيش في جزائر حرة ليأتي الفرج باستقلال الجزائر، و إطلاق سراح ولدها السجين بعد خمس سنوات من الاعتقال ويلتحق بالمدرسة الوطنية للإدارة ويتقلد مهام عديدة في خدمة الجزائر منها منصب سفير ويتقاعد فيما بعد ليلقى الله في 2014.
وقالت بنات زهرة، اللواتي رافقناها لحفل التكريم، أنهن يفتخرن بكونهن أخوات شهيد ومجاهد وبنات سيدة فاضلة ضحت بالكثير من أجل أن يعيش الخلف في كنف الحرية والكرامة والاستقلال ويعملن على زرع ذلك الفخر وما يتولد عنه من حب الجزائر في أبنائهن.
في عمر 105 سنة، تتمتع شيخاوي، بذاكرة جيدة وقدرة على التواصل مع الآخرين رغم ضعف سمعها. و لم تفقد الحركة والتكفل بنفسها ببعض حاجياتها وتحظى بعناية خاصة من قبل بناتها وأحفادها.
وأكدت مديرة المجاهدين وذوي الحقوق لولاية وهران، خديجة بهلول لوأج، أن شيخاوي الزهرة، هي أم الشهيد الوحيدة بولاية وهران، التي بقيت على قيد الحياة حيث تحظى بتقدير و زيارات دورية وعناية صحية واجتماعية.