تصادف الاحتفالات بستينية استقلال الجزائر مع الذكرى الـ68 لانعقاد مؤتمر باندونغ، الذي وضع الأسس لتدويل القضية الوطنية في خمسينيات القرن الماضي.
عرف مؤتمر باندونغ (18-24 أفريل 1955) في اندونيسيا مشاركة 29 بلدا آسياويا وافريقيا وقرابة 600 منتدبا.
ساهم هذا المؤتمر في تسريع مسار تصفية الاستعمار وبروز مجموعة جديدة من البلدان تشكل العالم الثالث وبالتنديد بالنظام الاستعماري اللاإنساني، الذي كان لا يزال سائدا في بعض مناطق العالم.
ميز هذا الموعد، الذي يكتسي أهمية تاريخية بالغة بالنسبة للجزائر بداية لمشاركة ممثلي جبهة التحرير الوطني، في المحافل الدولية لإسماع صوت الجزائريين وتمكينهم من استرجاع سيادته.
فبالفعل وبعد مرور سنة من اندلاع ثورة التحرير الوطني في الفاتح نوفمبر 1954 قرر مسؤولو الثورة القيام، اضافة إلى الكفاح المسلح بنشاط دبلوماسي بدافع المطالبة مرة أخرى بالاستقلال وجعل القضية الجزائرية واقعا للعالم الثالث بدعم من جميع حلفائنا الطبيعيين، حسبما كتبه آنذاك الأعضاء المؤسسون لجبهة التحرير الوطني.
وباشرت الدبلوماسية الجزائرية مرحلة حاسمة من تاريخها من خلال مؤتمر باندونغ، الذي يعتبر أول تجمع افريقي-اسياوي أثبت خلاله مناضلو القضية الوطنية قدرتهم على الدفاع عنها وحنكتهم الدبلوماسية والسياسية في حشد وسائل اعلام مختلفة.
وقد شاركت الجزائر، التي كانت آنذاك في ثورة تحريرية، بصفتها ملاحظة بوفد قاده حسين آيت أحمد، امحمد يزيد، سعد دحلب والطيب بولحروف، وغيرهم تمكنوا من إدراج القضية الجزائرية في النقاش ساند خلاله رجال دولة على غرار الرئيس الاندونيسي السابق سوكارنو، أو رئيس الوزراء الهندي سابقا جواهر لال نهرو، القضية الوطنية.
وقد رافع القادة الأفارقة والأسياويون، الذين شاركوا في لقاء باندونغ خلال سبعة أيام من النقاش من أجل عدد من المبادئ من بينها احترام حقوق الانسان والسيادة والسلامة الترابية لجميع الأمم والمساواة بين جميع الأعراق وبين جميع الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان والامتناع عن أعمال أو تهديدات بالاعتداء أو استخدام القوة ضد السلامة الترابية أو الاستقلال السياسي لبلد ما ومن أجل تسوية النزاعات الدولية بوسائل سلمية.
من جهة أخرى، شكل مؤتمر باندونغ تمهيدا لإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 سبتمبر 1955.
الجزائر تواصل الاستلهام من روح باندونغ
استغل المناضلون من اجل القضية الوطنية آنذاك زخم تضامن وتعاطف بلدان العالم الثالث، الذي سمح للقضية الجزائرية ان تأخذ بعدا دوليا من خلال افتتاح مكتب لجبهة التحرير الوطني بنيويورك و المصادقة في 1960، على لائحة تعترف “بحق الشعب الجزائري في حرية تقرير مصيره والاستقلال”.
وشكل مؤتمر باندونغ، لبنة هامة في انشاء حركة عدم الانحياز في 1961 ببلغراد، حيث اكدت بلدان افريقية وآسيوية عن ارادتهم في البقاء بمنأى عن المنافسة القائمة بين المعسكرين الشرقي والغربي.