أعلن بيان لرئاسة الجمهورية نُشر عبر موقعها الرسمي انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة للتاريخ والذاكرة بين الجزائر وفرنسا.
جاء في البيان ان الجزائر قدمت “ورقة عمل وفق المبادئ الأساسية الواردة في بيان الجزائر، الموقع بتاريخ 27 أوت 2022 بين الرئيسين تبون وماكرون”، وأضافت رئاسة الجمهورية أنّه “تم خلال اللقاء، الاتفاق على معالجة جميع القضايا المتعلقة بالفترة الاستعمارية والمقاومة وحرب التحرير المجيدة”، كما “اتفق الطرفان أيضًا على “مواصلة التشاور والاتصالات، من أجل وضع برنامج عمل مستقبلي. مع تحديد الاجتماعات القادمة للّجنة المشتركة”.
ومن جهة أخرى، أشار بيان الرئاسة الفرنسية الى أنّ “اللجنة المكونة من 10 أعضاء (5 عن كل طرف) عقدت أوّل اجتماع لها للعمل أولًا على “أصول” الاستعمار الفرنسي في الجزائر، في القرن التاسع عشر، من خلال وضع قائمة جرد للأرشيفات المودعة في فرنسا والجزائر، والتي تتناول بشكل خاص الغزو الاستعماري.”
وأشار نفس البيان إلى أن “اللجنة قد تسعى للحصول على آراء وملاحظات المؤرخين الآخرين الذين تم الاعتراف بعملهم وخبراتهم في هذا الشأن”.
وأوضح البروفيسور في التاريخ القديم، وأستاذ التاريخ بجامعة قالمة عبد المالك سلاطنية، أن ملف الذاكرة ملف كبير جدّا ويمثل الهوية الجزائرية وتاريخ الجزائر ويمثل كذلك مستقبلنا الذي لا بد ان يرتكز على الذاكرة، وهذه الأخيرة تتجاوز مرحلة الاستدمار الفرنسي الى تاريخ الجزائر القديم، فالاستدمار لم يعمل فقط على هدم تاريخ الجزائر خلال فترة الاحتلال فقط، بل عمد إلى طمس كل مراحل تاريخ الجزائر.
ومن هذا المنطلق، يرى البروفيسور سلاطنية أن فرنسا تدرك جيّدا أنها لم تقم بطمس الهوية الجزائرية، وسرقة تراث وأرشيف الجزائر، بل زرعت كثيرا من الألغام المتعلقة بتاريخنا وحضارتنا، من خلال سرقة محتوياتنا المتعلقة بالتراث الأثري الذي يعود الى حقبات التاريخ القديم منذ الفترة الفينيقية والبونية، والفترة النوميدية والفترات اللاحقة، والمتمثل في عشرات الآلاف من النقوش الموجودة الآن بالمتاحف الفرنسية.
من جهة أخرى، أوضح المتحدث أن الدولة الجزائرية تدرك حجم الصراع التاريخي الذي يحاول الطرف الفرنسي إطالة عمره واستغلال أي وضع من أجل المناورة والهروب الى الامام، مؤكدا أن على أي طرف ان يضع في الحسبان ان الجزائر اليوم تختلف عن الجزائر في الماضي، وهي اليوم تخطو خطوات جادّة وكبيرة نحو البناء الاقتصادي والبناء السياسي المتين والقوة عسكرية المتينة وكل ما يشكل اليوم الدولة الجزائرية الجديدة، التي نأمل أن نصل بها الى أعلى مستوى في العالم، لذا ينبغي ان نكون عند مستوى الجزائر اليوم، ونقدم طرحا يتماشى وموقع القوة الذي نحن عليه اليوم.
وفي تصريحات لجريدة “ليبراسيون” الفرنسية، قال المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا وأحد أعضاء اللجنة من الطرف الفرنسي أنّ “الجديد هو حقيقة الدعم من قبل الدول. هناك إرادة سياسية لدعم مبادرة ربما تجعل من الممكن الدخول في التاريخ دون أن تكون أسير الذاكرة”.
وللتذكير، فإن اللجنة مكونة من الطرف الجزائري بكل من رئيس جمعية الثامن ماي 1945، والمؤرخ محمد القورصو، والمؤرخ لحسن زغيدي، والباحث في تاريخ الحركة الوطنية جمال يحياوي، إضافة إلى المؤرخ عبد العزيز فيلالي، والمؤرخ إيدير حاشي.
ومن الجانب الفرنسي تتشكل اللجنة إلى جانب المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا، تراموركيمنور، عضو لجنة “الذكريات والحقيقة”، وجاك فريمو، أستاذ جامعي في جامعة السوربون، والمؤرخ جان جاك جوردي وأمينة متحف “Mucem” فلورنس هودوفيتش.
محمد فرقاني