تاريخ فرنسا الإستعمارية في الجزائر حافل بسجل أسود من جرائم الإبادة ضد الجزائريين، حيث أسمت ممارساتها الشنيعة ومجازرها بسياسة تمدين الأهالي، مثلما يفعله الكيان الصهيوني حاليا ضد اشقاءنا في فلسطين.
هي ممارسات صعاليك من قطاع الطرق، الذين ليست لهم دولة ولا يحكمهم قانون، ورواسب الحقد الصليبي يدعون الحضارة.
تذكر مصادر تاريخية أن الجنرال السفاح دي روفيقو، سجل في تقرير أرسله إلى القيادة بتاريخ 16أفريل 1832 ما يلي:”لقد فاجأنا قبائل في سهل المتيجة وهي نائمة وفي العودة كان جنودنا الفرسان يحملون الرؤوس البشرية على سيوفهم، وحيواناتهم فقد بيعت للقنصلية الدانماركية اما أجزاء الجسم الملطخة بالدماء فقد وضعت في معرض في باب عزون ،وكان الناس يتفرجون على حلي النساء وهي في سواعدهن المقطوعة وأذانهن المبتورة”.
ويجيب احد العقداء الكولونيل مونتنياك، على سؤال وجهه له أحد مرافقيه ماذا تفعلون بأسراكم من النساء يقول هذا المجرم سنة 1945:”وتسألني ماذا نفعل بالنساء اللائي نأسرهن…إننا نحتفظ ببعضهن كرهائن ونبادل بعضهن بالخيول ثم نبيع الأخريات في المزاد العلني مثل المواشي وهذه هي الطريقة التي يجب ان نحارب بها العرب…قتل جميع الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 15عاما،الإستيلاء على جميع النساء والأطفال وإرسالهم إلى جزر ماركيز او أي مكان آخر ،وباختصار القضاء على كل من لا ينحني كالكلب تحت أقدامنا هذا نموذج من رسالة الحضارة التي حملتها فرنسا لتمدين الجزائريين.
وتشير مصادر تاريخية إلى إبادة ما لا يقل عن مليون ونصف في 1861، وفي 1921بلغ عدد السكان الأوروبيين 829000بعد عمليات التطهير العرقي للجزائريين، كانت ابادة مبرمجة عن طريق التهجير والتفقير وحشد السكان في الأراضي القاحلة والصحاري وسفوح الجبال ووصف الرحالة الألماني هاينريش فون مالتسان، الذي مر بالجزائر في 1863،وسجل ملاحظاته في كتاب بعنوان “ثلاث سنوات في شمال غرب إفريقيا”،يذكر فيها أنه رأى في كل النواحي، التي زارها خرائب من الطين يسكنها أناس يلبسون ثيايا بالية معظمهم في حالة جوع دائم وعلى حافة الهلاك “.
ويصف الباحث الفرنسي بونو Y.Bonot،في كتاب صدر في 1994،بعنوان”المذابح الكولونيالية 1944-1950،استباحة ارياف ومدن الجزائر يعد المظاهرات السلمية في ماي 1945 لمدة ستة اشهر ويقارنها بما قامت به فرنسا في كل من مدغشقر وفيتنام، ويشير إلى أن الأوروبيين كانوا يتنافسون في طريقة قتل الجزائريين وحصيلة كل واحد منهم من القتلى مثلما يفعلون عند الخروج إلى الصيد.
ويقول الدكتور محمد العربي ولد خليفة، في كتابه “المفكرة التاريخية ابعاد ومعالم “إستراتيجية الاحتلال الفرنسي كانت قائمة على أهداف هي الإبادة والتشريد للإستيلاء على الأراضي والتقليل من عدد السكان وإرهاب من بقي منهم على قيد الحياة الغرض منه تأسيس مستثمرة استيطانية على غرار ما حدث للهنود الحمر في شمال أمريكا والسكان الاصليين في أستراليا، تحطيم البنية الاجتماعية والثقافية وتحقير الجنس والعقيدة تمهيدا للتمسيح.
واستدل بما قاله شارل روبار اجرون، في دراسة نشرها في 1992،بمناسبة الذكرى الثلاثين للجزائر المستقلة، الذي اورد نصا أشبه بمرسوم للتنفيذ حرره الأب فويو L.Veuillot،وسانده لافيجري، يقول النص:” امسحوا القشرة السطحية للإسلام فسيظهر لكم جوهر الجزائر المسيحية”،وقد تنبأ الكاردينال لافيجري، بأن منطقة القبائل ستكون خلال أقل من جيلين قد تغيرت واصبحت فرنسية.
يقول ولد خليفة:” ومن الأهداف هي اقتلاع ارادة المقاومة عند الجزائريين والتخويف من عظمة فرنسا وجيشها الإمبراطوري، لقد استخلص شباب الحركة الوطنية دروس كل الانتفاضات السابقة وماسي المجزرة الاخيرة في الثامن ماي 1945″.