أكد، مشاركون من أساتذة وباحثين، في الملتقى الدولي الـ 15 حول الثورة الجزائرية، على مواصلة الاهتمام بالبحث والدراسة لتاريخ المقاومات الشعبية المحلية، وإعطائها القيمة التاريخية التي تستحقها.
أوصى الملتقى، بتسليط الضوء على قضايا الذاكرة الوطنية للمقاومات الشعبية في الجزائر، من اجل تفكيك المواضيع التي لها علاقة بذاكرة الجزائر المعاصرة، مع توجيه طلبة الماستر الى دراسة مخطوطات الزوايا والطرق الصوفية، وتثمين ذلك المسعى، بانشاء مخبر” دراسات في تاريخ المقاومات الشعبية والحركة الوطنية في الجزائر”، بكلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية بجامعة 20 اوت 1955 سكيكدة.
وأوصت، اشغال الملتقى كذلك، باستغلال الأرشيف التاريخي الوطني الموجود بالجزائر وخارجها، خاصة الارشيفات الفرنسية، من طرف الباحثين الجزائريين والاستفادة من رصيده التاريخي، واقتراح مواضيع للملتقيات القادمة تهتم بمسائل تخص مرحلة الثورة الجزائرية منها التموين، الصحة، معارك الثورة الجزائرية، المشاركة الشعبية في الثورة التحريرية، مع توفير الإمكانيات المادية لتنظيمها، مع طبع اشغال الملتقى الدولي في طبعة خاصة، في عدد من مجلة لجامعة سكيكدة.
يقول، الدكتور محمد رحاي، أن الجزائر عاشت فترة الاحتلال الفرنسي مرحلة صعبة تميزت بفرض السيادة الفرنسية بالقوة والعنف، قوبلت بمقاومات عسكرية “1830-1929″ بعد ان فشلت المقاومة الرسمية في سيدي فرج وسطاوالي، وقد كان لهذه الفترة من تاريخ الجزائر المعاصر خلفيات تاريخية جعلت فرنسا تطمع في بسط نفوذها على الجزائر منها مسالة العلاقات الفرنسية الجزائرية، التي استمرت عقودا، والبعثات الاستكشافية الاستخباراتية المختلفة، الى جانب ضعف الدولة العثمانية وحكومة الداي حسين، الامر الذي خلق تحديات للمقاومة عند الاحتلال الفرنسي للجزائر وتوسعه.
ومن اهم التحديات، التي عرفتها المقاومات الجزائرية، يضيف محمد رحاي، انتهاج المستمر لسياسة قمعية، استئصالية، أساسها الإبادة والأرض المحروقة، الى جانب سياسة استمالة القبائل والزعامات المحلية عن طريق إعطائها الامتيازات والنفوذ لخدمة المصالح الفرنسية، وانتهاج استراتيجية حربية لإفشال مخططات زعماء المقاومات، منها اللجوء الى المعاهدات والمفاوضات أحيانا ثم نقضها عندما تقتضي المصلحة ذلك، كما لجا المستعمر الفرنسي الى عقد الاتفاقيات مع الايالة التونسية والمملكة المغربية لمحاصرة المقاومات، ومن التحديات الداخلية الخلافات بين زعماء المقاومات، وعدم التنسيق وتوحيد المقاومات وفق استراتيجيات ناجحة.
وأبرز الملتقى الدولي الـ 15 حول الثورة الجزائرية الموسوم بالمقاومات العسكرية الجزائرية خلال القرن 19” المنطلقات، التحديات، المالات”، المنظم بجامعة 20 اوت 1955 سكيكدة، اسهامات المقاومات الجزائرية في التصدي للاحتلال الفرنسي وتوسعه في ربوع الجزائر، وذلك بطرح تساؤلات، حول اسهامات المقاومة الرسمية، “الداي حسين”، في التصدي للاحتلال في سيدي فرج وسطاوالي؟، استراتيجية مقاومة الأمير عبد القادر، واستراتيجية احمد باي، في التصدي للاحتلال.
والتركيز على اهم المقاومات بعد عام 1848 في الشمال والجنوب، والتحديات التي واجهتها؟، إضافة الى الالمام بجهود المؤرخين الجزائريين في الكشف عن الحقائق التاريخية من خلال المذكرات والوثائق التاريخية والأرشيفية.
وأوضح الدكتور محمد رحاي، رئيس الملتقى الدولي، أن هذا الأخير يستهدف إعادة قراءة لأهم مفاصل احداث المقاومات العسكرية، قراءة نقدية انطلاقا من المصادر التاريخية سواء كانت المذكرات الشخصية لزعماء المقاومات او الضباط الفرنسيين او المصادر الأرشيفية ومحاولة الوقوف على الأسباب الحقيقية لمختلف المقاومات، والأسباب التي أدت لإنهائها.
وجاءت محاور الملتقى متنوعة، حيث شملت المقاومة الرسمية في سيدي فرج وسطاوالي، الاستعدادات والنتائج، قراءة في مذكرات ومراسلات قادة المقاومات وضباط الجيش الفرنسي، وعلاقة قادة المقاومات العسكرية فيما بينهم” الأمير عبد القادر، والحاج احمد باي”، وعلاقة قادة المقاومات مع حكام تونس والمغرب، باي تونس، وملك المغرب.
أبرز متدخلون، على مدار يومين بقاعة المحاضرات الكبرى لجامعة 20 أوت 1955، بحضور أساتذة من 22 جامعة من الجزائر، ومن مصر وتونس والإمارات العربية المتحدة، أن تسلسل المقاومات التي قام بها الجزائريون منذ بداية الاستعمار، أثبتت طبيعة الجزائري الرافض للخضوع للسيطرة والهيمنة الاستعمارية، ورفض للادعاءات الاستعمارية الكاذبة بنشر الحضارة، وأخرت هذه المقاومات بشكل كبير في احتلال الجزائر ككل والمغرب العربي.
ارتكزت مداخلات أساتذة وباحثين بالملتقى على قراءة في الاتفاقيات والمعاهدات بين قادة المقاومات وقادة الجيش الفرنسي، مستوى الاستراتيجيات العسكرية لكل من المقاومات الجزائرية والجيش الفرنسي، مع نقد وتقييم للكتابات التاريخية الجزائرية والأجنبية لمرحلة المقاومات الشعبية بالجزائر.
إضافة الى مواقف الطرق والزوايا من الاحتلال الفرنسي، وموقف زعماء المقاومات من المتعاونين الجزائريين مع المستعمر الفرنسي، و الابادات والجرائم الفرنسية في الجزائر خلال القرن التاسع عشر.