المجاهدة المرحومة ليلى موساوي من المجاهدات القلائل اللائي يتحدثن بتواضع عن مسيرتهن النضالية بالولاية التاريخية الثانية الشمال القسنطيني.
في كل مرة لا تبخل علينا بتقديم معلومات عن ثورة التحرير وكيف كان المجاهدون يعيشون في الجبال وتحثنا دائما على الاهتمام بذاكرة أجدادنا. لم تكن تفوت فرصة لحضور إحتفالات مخلدة للثورة.
وفي إحدى المرات كنا في منتدى المجاهد الذي كانت تحضره باستمرار كلما وجهت لها الدعوة لتخليد ذكرى شهيد أو مجاهد، روت كيف كانوا يحتفلون بزواج المجاهدات والمجاهدين في الجبال في ظروف الحرب الصعبة قائلة: “وضعنا الحناء في يد إحدى المجاهدات وبدأت أغني الأغنية الخاصة بالحناء في الأعراس، كانت ليلة جميلة ضحكنا فيها كثيرا وزفت العروس إلى زوجها”.
وتضيف: “رغم الظروف الصعبة للثورة، كُنّا نحي هذه التقاليد في جو أخوي لننسى قليلا مأساتنا ومعاناتنا اليومية في الجبال”.
كانت تحدثنا أيضا عن أختها الكبرى محجوبة التي إلتحقت في وقت مبكر بحزب الدستور التونسي ولم تتردد في القتال إلى جانب أشقائها التونسيين لتستشهد بجبال الأوراس فكانت بحق مناضلة في ثورتين .
تنحدر المجاهدة ليلى موساوي من أسرة ثورية، هاجرت إلى تونس في 1935 بسبب مضايقات الإدارة الإستعمارية. إنضمت إلى جيش التحرير الوطني بداية 1955.
خدمت الثورة على جبهتين
عملت بمستشفى الحبيب تامر بتونس ممرضة اكتسبت الخبرة الكافية للعمل في البلاد لدى عودتها إلى الجزائر، ناضلت بقاعدة الإسناد الشرقية ثم إنتقلت إلى الناحية الأولى من الولاية الثانية الخاضعة لقيادة سي مسعود بوعلي في 1956.
باشرت عملها كممرضة بمستشفى جيش التحرير الوطني بأعالي جبال بني عافر بمنطقة جيجلفكانت تداوي الجرحى وأشرفت على تكوين ممرضات بالجبال .
كانت لديها قدرة هائلة في الاتصال بالشعب وتوصيل الرسالة الثورية فكلفت بمهمة التحسيس والتوعية. تتجول بين القرى والمداشر لإقناع النساء والفتيات بضرورة مشاركتهن في الثورة، حسب قدرتهن. كسبت ثقتهن فأصبحن بمثابة آذان وعيون لها على الجيش الاستعماري بالمنطقة، تجمعن لها المعلومات التي تنقلها بدورها للمسؤولين العسكريين الذين يبنون ويخططون على أساسها كمائن وهجومات ومعارك.
مهمات..
وفي منتصف 1956 أسندت لها مهمة أخرى هي وضع جدول يحدد الأدوار والمهمات الواجب إسنادها للمرأة الجزائرية لإنجاح الثورة.
كانت المهمة الأولى دينية للحفاظ على هوية الشعب الجزائري الإسلامية والتصدي لحملات التنصير وطمس الهوية التي عكفت الإدارة الاستعمارية على تطبيقها، أما الدور الثاني فكان طبي واجتماعي، والدور الثالث عسكري وأخيرا الاتصال.
هذه الأدوار أو المهمات أسندت للمرأة الجزائرية حسب مستواها التعليمي والثقافي آنذاك، فالمتعلمات خصصت لهن المهمة الطبية والاتصال، أما الفتيات المقيمات بالمناطق الريفية غير المتعلمات فكن يسهرن على راحة المجاهدين بتوفير المؤونة من غذاء وطبخ وغسل ملابس.