عبد الحميد زوبا المناضل واالاعب الثوري الذي دافع عن القضية الجزائرية إبان الإحتلال الفرنسي ورفع رايتها، لم تغريهإمتيازات عرضت عليه في الفريق الفرنسي وفضل تلبية نداء جبهة التحرير الوطني للإلتحاق بفريق كرة القدم الذي أسس للتعريف بأهداف الثورة.
أدى المرحوم الذي غادرنا أمس 02 فيفري 2022 دورا بارزا في التنسيق بين الفوجين الأول والثاني خلال عملية الإلتحاق بتونس معقل تكوين الفريق لأول مرة، وتجمع كل المعنيين قبل الإنطلاق في المهمة التي كان يسعى لها القائمين على الفكرة.
اللاعب الثوري
إمتاز بالرّزانة والهدوء والحكمة في مختلف العمليات التي أوكلت له بالرغم من صغر سنه، وذلك راجع للظروف التي ترعرع فيها والأشخاص الذين إحتك بهم منذ طفولته، في شهادته لذاكرة “الشعب” في إحدى اللقاءات قبل وفاته.
مسيرة مليئة بالإنجازات قبل وبعد الإستقلال، لم يتردد يوما في إعطاء الدعم للكرة الجزائرية .
ولد بتاريخ 2 أفريل 1934 ببولوغين تنحدر عائلته من ذراع الميزان بمنطقة تيزي وزو، عانى الفقر على غرار أغلب الجزائريين بسبب الظروف الإجتماعية الصعبة التي خلفها الإستعمار.
يقول المرحوم في شهادته:” الشيء الوحيد الذي أنقذني وعائلتي تلك الكرة الصغيرة التي كنت أمارسها في الشارع رغم أنه لم نكن نملك إمكانيات”.
كانت إنطلاقة المشوار الكروي له مع فريق جزائري مُسلم بين سنتي 1946 و1949 ، حيث كان يتلقى دروسا توعوية حول إستغلال كل المجالات المتوفرة لدى حزب “الشعب” للدفاع عن الثورة، ثم الإحتراف ضمن نادي فرنسي بهدف تحسين الظروف الإجتماعية لعائلته.
بعدما تمكن من البروز رُفقة هذا النادي الجزائري لفت إنتباه أحد الفرق الفرنسية وفي هذا الصدد يقول زوبا : “في إحدى المرّات جمعت مباراة بين فريق بلوغين ونادي فرنسي وهنا أُعجب مسير النادي بإمكانياتي فإتصل بي، أخبرت والدي الذي رفض أن ألعب في نادي فرنسي بعدما كنت رفقة نادي عربي”.
ويضيف:” لكن الإمكانيات المادية كانت موجودة عند النادي الفرنسي وبسبب ذلك لم أستمع لكلام والدي لأنّ هوس الكرة تغلب على إحساسي، وكذلك بالنظر للظروف الاجتماعية القاسية التي كنا نعاني منها”.
ويقول أيضا: “قررت الالتحاق بالفريق الفرنسي لمساعدة أهلي وبالفعل تغيّرت الأمور نحو الأحسن بشكل جيد، لأنني كنت أساعد أسرتي بالأموال التي كنت أتقاضاها حتى سنة 1958”.
قام أحد المسيرين من أصل إيطالي يدعى ميلودو بأخذه للعب في نادي نيم أولمبيك بمرسيليا والذي كان يشرف على تدريب فريقه عبد القادر فيلود من وهران.
بقي زوبا في فرنسا إلى غاية صدور قرار قادة جبهة التحرير الوطني بتكوين فريق لكرة القدم من أجل تمثيل الجزائر في المحافل الدولية، وطلب من الجزائريين الذين يلعبون في الفرق الفرنسية بالتوقف والإلتحاق بفريق جبهة التحرير الوطني، وكان المرحوم من بين اللاعبين الذين لبوا نداء جبهة التحرير .
إلتقى زوبا في جوان 1958 بأحد المناضلين بمقهى لوغلاصيي بنيور ، ولم يكن بالأمر السهل أن يترك كل الإمتيازات وهو لا يعرف إلى أين يذهب، حيث طلب منه إتخاذ القرار بالإلتحاق بفريق جبهة التحرير الوطني أم لا ولم يكن له الوقت الكافي للرد، فوافق بعدما أدرك أن الأمر يتعلق بتحرير الوطن.
اتفق على الإلتقاء بمقهى لوديبار بسان ميشال بالعاصمة باريس في شهر جويلية بداية من منتصف الليل، وكان هناك سبعة لاعبين اخرين وكل من بوشاش، عبد القادر سوكان، معزوزة وإبرير، وسلم لهم عنوان الشخص المدعو إبراهيم الذي سينتقل عنده في الرحلة التي انطلقت بداية من الساعة الثانية ليلا. وطلب منهم حفظ العنوان دون كتابته خوفا من أن يقع في أيدي الشرطة الفرنسية في حالة إلقاء القبض عليهم .
مهدت لهم الطريق من أجل التنقل من مدينة بون إلى روما الإيطالية، وبروما وفرت لهم كل الظروف من مبيت وطعام وفتحت لهم الطريق للدخول إلى تونس بعد رحلة شاقة ومليئة بالمخاطر، حيث إلتقى فور وصوله مع بقية اللاعبين بكل من كريم بلقاسم، علي بومنجل، واالاعبين بن تيفور، بوبكر، عريبي، معوش، براهيمي، بوشوك، كرمالي الذين كانوا رفقة الفوج الأول الذي إلتحق في أفريل 1958.
كان زوبا في الفوج الثاني لأن الفريق لم يكتمل كان يضم 10 عناصر فقط والمطلوب 11 لاعبا وكان يتطلب وجود إحتياطيين ووصل التعداد بعد إلتحاقهم 17 لاعبا أما الفوج الثالث إلتحق في 1961 حيث بلغ العدد الإجمالي 32 لاعبا .