نشرت صحف إستعمارية، منها جريدة Le Journal وLe Quotidien و L’echo d’alger، وأيضا جريدة المجاهد تفاصيل مجزرة ساقية سيدي يوسف ونقلت حجم الأضرار البشرية والمادية التي خلفتها وردود الفعل الدولية.
ينقل موقع “ذاكرة الشعب”، بالتنسيق مع المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 الذي زودنا بهذا الأرشيف، ما تناولته تلك الصحف عن المجزرة.
نقلت جريدة Le Journal يوم 9 فيفري 1958 تفاصيل عن مجزرة ساقية سيدي يوسف.
وتحدث مقال بعنوان “الطيران الفرنسي يقصف الساقية: 75 قتيل و84 جريح”، عن أسباب القصف وخسائر مست شاحنات الهلال الأحمر الجزائري والصليب الأحمر الدولي.
تحدث مراسل الجريدة في مقال مطول عن الأضرار الجسيمة التي مست المباني، معلقا على أن قصف صادف يوم توزيع المساعدات الغذائية والألبسة على اللاجئين الجزائريين من طرف الصليب الأحمر الدولي.
ويشير الصحفي إلى أن مندوبي الهلال الأحمر كانوا موجودين لحظة القصف على بعد 5 كلم من قرية الساقية.
موقف بورقيبة
نفس الصفحة نقلت خطاب الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي يؤكد فيه صعوبة او استحالة أن تكون فيه علاقات وفاق مع فرنسا بعد هذا القصف الوحشي. يقول بورقيبة: “يبدو أنه من الصعب أن نفكر في التعاون مهما كان بين القوات العسكرية التونسية والفرنسية”.
وتناولت جريدة Le Journal ليوم الثلاثاء 11 فيفري 1958 في عددها 2270 في أذين الصفحة الأولى، التداعيات العالمية لقصف ساقية سيدي يوسف يوم سبت.
جاء في عنوان بالبند العريض ساقية: قلق بالغ في باريس وفي العالم، ونقلت في الصفحة الرابعة تفاصيل المجزرة التي قام بتغطيتها مراسل الجريدة بتونس.
10 ساعات قصف
ووصف صحفي الجريدة الوضع بالساقية بالكارثي نظرا لحجم الأضرار البشرية والمادية التي خلفها القصف الذي دام 10 ساعات.
ونقلت تصريح الجنرال شارل ديغول يقول فيه:” الجمعية الفرنسية والتونسية هو أكثر من أي وقت مضى مرغوب فيه”.
ونقلت الجريدة زيارة السفراء الأجانب من الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، ليبيا، العراق، إيران، العربية السعودية، المغرب ،سوريا، لبنان، والملحقين بسفارات إسبانيا وإيطاليا وبريطانيا الذين وقفوا على حجم الكارثة، ويشير صاحب المقال إلى أنه في ذلك اليوم كان درس التلاميذ حول الطائرة.
مظاهرات بالقيروان وجنوب غرب تونس
وتحدثت الجريدة عن مظاهرات بالقيروان والجنوب الغربي لتونس تطالب فيه بإجلاء القوات الفرنسية من تونس، وبمنطقة سبيطلة تم طرد 15 عائلة فرنسية.
ومقال اخر بالبند العريض بعنوان ردا على الفور على استفزاز تونسي جديد: قصفت القوات الجوية الفرنسية المؤلفة من 25 طائرة تستخدم حق الدفاع الشرعي صباح السبت المنشآت العسكرية بساقية سيدي يوسف العملية كانت ناجحة تماما.
ويبرر المقال سبب القصف بأنه حق الدفاع وملاحقة الثوار الجزائريين في التراب التونسي، ونقل المراسل روني سيكار ربورتاج حول المجزرة .
الإعتداء الوحشي المدبر
تناولت جريدة المجاهد ليوم السبت 15 فيفري 1958 في عددها 18 على صفحتها الأولى مجزرة ساقية سيدي يوسف بعنوان فضحت الإستعمار وجسمت وحدتنا.
يتحدث المقال، في الصفحة 4، عن الإعتداء المدبر الذي ذهب ضحيته قرية ساقية سيدي يوسف التونسية، يقول كاتبه: “بيّن مرة أخرى بصورة لا تقبل الجدال مبلغ الإجرام من العمل الذي تقوم به الحكومات الفرنسية في شمال إفريقيا”.
ويضيف المقال: ” منذ ثلاث سنوات ونحن نشهر بهذه الوحشية… ولم نكن نرمي إلى دعاية لقد كنا نقف عند حدود الواقع كما هو، وفي هذه المرة كانت الصحافة الأجنبية وكان شهود لا ترد شهاداتهم وكان ممثل الصليب الأحمر الدولي حاضرين، لقد استطاعوا أن يتأكدوا بأنفسهم كيف تقوم فرنسا بحربها الإبادية ضد الشعوب التي تناضل لتتخلص من إعتدائها وقمعها الأثيم”.
ونقلت “المجاهد” جزءا من تصريح الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة يقول فيه: “يجب أن يعالج المرضى من جذوره فلقد أصبح من حادث ساقية سيدي يوسف، ما هو إلا جزء من أعمال أكبر وان هناك عشرات ومئات ساقية سيدي يوسف بالجزائر ويقع ذلك بإسم العالم الحر وباسم الشعب الفرنسي”.
وتطرقت افتتاحية الجريدة إلى مسؤولية الأمم المتحدة في عدم ردع فرنسا.
وجاء عنوان الافتتاحية مسؤولية الأمم المتحدة في ساقية سيدي يوسف. وتحدثت عن مسؤولية أصدقاء فرنسا وعلى رأسهم أمريكا التي دعمت الإحتلال بمناصرته في الأمم المتحدة وفي غيرها بالدبلوماسية والمال والسلاح.
وتوجه صاحب الافتتاحية برسالة إلى أمريكا بأن تختار ان تقف مع مطلب الثورة الجزائرية في الاستقلال، أو موالاة فرنسا.
وقالت: “إن العالم الذي أصبح اليوم يحكم على فرنسا بالجنون ينبغي أن يذكر أمريكا بالخصوص بأنها هي التي أعطت السكين لهذا المجنون”.
واعتبرت الافتتاحية رفع الحكومة التونسية قضية العدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف إلى مجلس الأمن يصب في صالح القضية الجزائرية.
اشارت إلى أن تخلص الجمعية العامة للأمم المتحدة من القضية الجزائرية في نوفمبر الماضي واستهانتها بها للمرة الثالثة، سيدفع فرنسا الى تمديد الحرب في هذه المرة في شمال إفريقيا مثلما مددتها سنة 1956 في الشرق الأوسط.
افتتاحية نارية
ودعت الافتتاحية “مجلس الأمن الى أن يتدارك خطأ الجمعية العامة بالأمس إذا أراد أن يتلاقي خطر أكبر منه في الغد”.
واختتمت الإفتتاحية بالقول: “في انتظار ما سيصنعه مجلس الأمن فإن أبناء المغرب العربي قد قرروا ماذا يصنعون وإن تردهم قوة من منتصف الطريق ولن يلدغوا من الجحر مرة أخرى”.
ونشرت الجريدة نفسها بلاغا لجبهة التحرير الوطني تُعرب فيه للرئيس الحبيب بورقيبة والشعب التونسي عن تضامنها مع تونس في حزنها الوطني، الذي تسبب فيه عدو مشترك هو الإستعمار الفرنسي.
وحمل البلاغ المسؤولية للقادة الفرنسيين والعسكريين الذين ارتكبوا عمدا عن سابق إصرار أساليب الإبادة الوحشية التي تجاوزت أساليب النازيين، يضيف بيان جبهة التحرير الوطني.
ونقلت الجريدة ردود الفعل الدولية من دول عديدة حول المجزرة في مقال بعنوان: “أصل الفاجعة: حرب الجزائر”، و مقال اخر مطول نشر يوم 15 فيفري 1958 في الصفحة 8 بعنوان: “في المناطق المحرمة بالجزائر كل يوم ساقية سيدي يوسف وتوبع المقال في الصفحة 12، يتحدث عن صور من حرب الإبادة التي ترتكب بالجزائر في حق شعبنا الأعزل.