تبقى مجزرة قبيلة العوفية بالحراش، التي أبيدت فيها قبيلة بالكامل، وصمة عار في تاريخ فرنسا، فهي جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس، ومن أبشع جرائم سفاحيها في 1832.
كانت “قبيلة العوفية” تشكل همزة وصل بين المقاومين في قصبة الجزائر ومقاومين في سهل متيجة والأطلس البليدي والتيطري ومنطقة القبائل، وبالتالي اعتبرت خطرا على الاحتلال الفرنسي للجزائر بحكم تواجدها غير بعيد عن مدينة الجزائر،
“معركة الحراش” التي جرت يومي 17و18 جويلية 1831 جعلت الاحتلال الفرنسي يحضر لإبادة “قبيلة العوفية”وينتظر أول فرصة للقيام بذلك.
وكانت “المزرعة النموذجية” التي تم إنشاؤها في منطقة بابا علي، الواقعة على ضفة وادي الحراش، تقتضي توسعا للمساحات المزروعة لزيادة الإنتاجية الفلاحية واستقبال مستوطنين أوروبيين جدد.
أعطى دوق روفيغو الأمر لقواته ليلة 5 أفريل 1832 بإبادة “قبيلة العوفية”، هاجمتهم قوات العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ لأنها اشتبهت فيهم بأنهم سلبوا مبعوثي “العميل فرحات بن سعيد”، أحد المتذبذبين بين الولاء للأمير عبد القادر وفرنسا بمنطقة الزيبان.
نفذ فوج الفرسان المجزرة مدعوما بسريتين من الفيلق الأجنبي الفرنسي، تحت إشراف وقيادة العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ، الذي أخضع قبيلتي “العوفية”و”الخرازة” قرب مدينة الجزائر ووادي الحراش.
قام العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ، بعد أقل من شهر بعد استقدامه إلى الجزائر، بالتصدي في يوم 6 أفريل 1832 لـقبيلة العوفية في الجنوب الشرقي من مدينة الجزائر قرب الحراش (Maison-carrée)، وذلك تحت سلطة القائد العام للجزائر آنذاك وهو “الجنرال صافاري” (دوق روفيغو).
وكانت “قبيلة العوفية”، الهادئة تعيش ليلتها في حالة من الغفلة، حتى فوجئت بهجوم قوات العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ، فكانت عملية إبادة لجميع سكانها لأنهم كانوا حلفاء المجاهدين في متيجة منطقة القبائل،وقتلوا شيخ القبيلة أمام الملأ وباعوا أشياءهم للسفير الدنماركي.
وتم القضاء على مئات الجزائريين من هذه القبيلة من جنود فوج الفرسان والفيلق الأجنبي، ولم ينج من هذه الإبادة إلا أربعة رجال.وانتهت إبادة وتدمير “قبيلة العوفية” كلية يوم 10 أفريل 1832.
في هذه الحملة الإجرامية ضد المدنيين العزل والنائمين، الذين قُتلوا جميعًا وقطعت رؤوسهم، حمل فرسان فوج شاونينبيرج رؤوس الجزائريين من قبيلة العوفية الذين قُطعت رؤوسهم عند مدخل مدينة الجزائر على رؤوس رماحهم، وبيعت مجوهرات نساء القبيلة في الأصابع والأيادي التي تم قطعها في باب عزون بالجزائر.
للتذكير، الدوق روفيغو من الشخصيات العسكرية الأكثر دموية وتاريخه مثقل بالجرائم، سبق له إعطاء أوامر بقتل 4000 جزائري بعد رفضهم قراره بتحويل جامع كتشاوة إلى مركز عسكري سنة 1831.