يُعتبر المجاهد عبد الرزاق خشنة، 84 عاما، قدوة للطلبة الجزائريين الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب، ومن الذين كان لهم حظ التعلم في المدارس الفرنسية، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب سياسة تمييز كانت تمارسها فرنسا.
التقينا هذا المجاهد بمناسبة تكريمه بجامعة البليدة-2، ليستحضر مقولة رئيس الحكومة الفرنسية المؤقتة الأسبق «جورج بيدو» الذي صرح في 1948: «شهادة دراسية للعربي هي عدوة لفرنسا،» في إشارة منه إلى أن تعليم الجزائريين سيضر بفرنسا، وهو ما حدث رغم القلة القليلة التي تعلمت.
وقال ابن البليدة الذي شارك في إضراب الطلبة في 19 ماي 1956، إن الطلبة الجزائريين في مختلف الأطوار كانوا يشاركون، من حين إلى لآخر، في عمليات فدائية وذلك قبل تنظيم الإضراب الذي جاء احتجاجا على السياسة العنصرية والتمييز المعتمد من قبل فرنسا.
يروي: «صحيح أننا كنا ندرس مع الفرنسيين من أبناء المستوطنين، لكن معاملتنا نحن الجزائريين كانت تختلف عنهم، فمثلا في التقييم كانت تُـمنح لهم نقاط جيدة رغم تفوقنا عليهم، وأنا شخصيا لم يسمح لي بإكمال دراستي الجامعية وأعدت السنة، رغم نجاحي في شهادة الأهلية (البكالوريا)».
نمّت ممارسات التمييز حبّ الوطن في المجاهد خشنة ورفقاء دربه. يقول: «تربى لدينا حب الوطن، لما كنا نسمع المستوطنين يتحدثون باستحقار عن عاملات النظافة الجزائريات اللواتي كن يشتغلن عندهن».
وحول كيفية التحاقه بالعمل العسكري لجيش التحرير الوطني، يروي المجاهد: «في أحد الأيام قدم شخص يريد أن يخبئ سلاحه خوفا من اكتشاف أمره من طرف فرنسا، فأخذت هذا السلاح وخبأته وبعد أيام جاء شخص آخر ليأخذه، فكان ردي عليه أنني أنا من أخذت السلاح وأنا من أصعد به لألتحق بالثورة».
ويضيف: «كنا نصعد إلى الجبل أين ينشط الثوار، ثم نعود، وبعد الوشاية بنا للإستعمار أدخلوني السجن لمدة ثلاث سنوات، وبعد إطلاق سراحنا عزمت على مواصلة الكفاح، لأننا أخذنا عهدا بأن نسترجع السيادة الوطنية أو نموت، وبعد الاستقلال شغلت مديرا لمستشفى البرواقية إلى غاية الحصول على التقاعد».
وبأقدم ثانوية في البليدة (ثانوية ابن رشد التي شيّدت في 1881)، درس طلبة جزائريون عملوا جنبا إلى جنب على نصرة الدين والقيم قبل اندلاع ثورة التحرير.
كانوا يطالعون الجرائد التي تصدرها جبهة التحرير الوطني وينسقون بينهم، وأبرزهم سعد دحلب الذي تحمل جامعة البليدة-1 اسمه والذي كان أحد المفاوضين الأساسيين لاتفاقية إيفيان الشهيرة، وكذا بن يوسف بن خدة والشهيدين عبان رمضان وعلي بومنجل.