أدى الطلبة الجزائريون دورا محوريا في إنجاح ثورة التحرير المجيدة التي اندلعت في الفاتح نوفمبر 1954، وكللت باسترجاع السيادة الوطنية في الخامس جويلية 1962.
أوضح البروفيسور في التاريخ يوسف تلمساني، في محاضرة ألقاها بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للطالب بجامعة لونيسي علي بالعفرون، أن الطلبة لم يتحركوا بمحض إرادتهم لتنظيم الإضراب الشهير بتاريخ 19 ماي 1956، بل جاء ذلك ثمرة تراكمات، في إشارة منه إلى تطور النضال لمصلحة هذه الفئة.
وأكد الأستاذ الجامعي أن بيان أول نوفمبر هو بمثابة دستور الثورة المظفرة، نص على ضرورة أن تكون جميع الشرائح، بما فيهم الطلبة، أداة فاعلة، وهو ما تحقق بتأسيس منظمة الطلبة للمسلمين الجزائريين الذي نظم الإضراب ، من أجل وضع حد للمضايقات التي يتعرضون لها، أبدوا عبرها موقفهم السياسي بنصرة الكفاح المسلح لطرد المستعمر الغاشم.
وأبرز المحاضر أن تنظيم الطلاب الجزائريين بدأ بتشكيل الودادية في 1919 أي بعد عشر سنوات من تأسيس جامعة الجزائر التي تعد الأولى من نوعها.
وقال أن جمعية شمال إفريقيا للطلبة المسلمين التي تأسست بفرنسا في 1927 وترأسها فرحات عباس، كانت تطالب بتحسين التعليم ورفع عدد المقاعد الدراسية لفائدة الجزائريين.
وأشار الى أنه، قبل تنظيم الإضراب كان عدد الطلبة الجزائريين بالجامعة يتراوح بين 400 إلى 500 طالب، فيما تشير نشريات فرنسية إلى أن عددهم كان يُناهز 700، إضافة إلى آخرين يدرسون في الجامعات الفرنسية والعربية، شاركوهم الإضراب في مكان تواجدهم، يُضيف الأكاديمي تلمساني.
وحظي قلة قليلة من الجزائريين بالتعلم في المؤسسات الفرنسية؛ ذلك أن الاستعمار الفرنسي عمل على تجهيل الجزائريين وقام بتجفيف منابع ومصادر التموين والتمويل، بضرب الأوقاف التي كانت تُمول المؤسسات التعليمية الجزائرية في كل مراحلها.
ويقول الدكتور تلمساني حول هذه الحقيقة التاريخية: «محظوظون الذين رضت عنهم فرنسا لإكمال دراساتهم، بل كانوا يعدون على رؤوس الأصابع… كانوا يستلهمون الأدبيات السياسية من الحركة الوطنية، والتي قاموا بتغذيتها فيما بعد وساهموا في تأطير مناضليها، مثلما فعل سعد دحلب، بن يوسف بن خدة، وآخرون أصبحوا في الواجهة السياسية وتولوا العمل السياسي للثورة».
لم تقتصر نصرة الثورة على فئة الجامعيين ـ بحسب الدكتور تلمساني ـ بل التحق طلبة الثانويات أيضا، مثلما فعل عمارة رشيد، وكذا المتكونون في مراكز التكوين وحتى طلبة الزوايا استجابوا للنداء الوطني، كالذين مروا بزاوية «الوزانة» التي كانت تشتغل في مرتفعات الأطلس البليدي، وشكل هؤلاء قوة حقيقية، الكل في اختصاصه.