الأمير عبد القادر من دعاة السلام والاخوة بين الاجناس والاديان، تربى على عقيدة التسامح، وهو ما سمح له بعقد كثير من الصداقات واحترام اكابر رجال السياسة في العالم، والقادة الأوروبيين والفرنسيين.
تعامل الأمير عبد القادر بإنسانية مع الأسرى المسيحيين الذين كان يرسلهم إلى أمه في الزمالة، وذكر تشرشل في كتابه “الأمير عبد القادر”، أنه كان يخصص مكافأت لكل من يأتي بالأسير حيا، حتى وصفه الفرنسيون بأنه “عدو كريم الأخلاق”.
ومن أخلاقه أنه لما شاهد أكثر من 94 سجين يعاني أطلق سراحهم دون شرط، وأمن لهم الطريق إلى غاية قواعدهم.
تعامله مع الأسرى ترسيخ للقانون الدولي الإنساني
لم يكن الأمير مجرد عسكري، بل كان رجل علم متصوف تقي، واعترف العدو قبل الصديق بعدول الأمير عن المعاملة بالمثل فيما يتعلق بأسرى الحرب،وفي هذا الصدد تؤكد الدكتورة سامية بن قوية أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق جامعة الجزائر 1، محامية معتمدة لدى المحكمة العليا، أن إلتزام الأمير عبد القادر بتطبيق الشريعة الإسلامية في معاملته مع أسرى الحرب تبقى علامة فارقة في ترسيخ مبادئ القانون الدولي الإنساني.
يقول الدكتور سليمان قوراري، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب واللغات بجامعة أدرار، أن سيرة الأمير حافل بشتى صور التسامح التي أوصى بها الإسلام أتباعه في معاملة الإنسانية بإنسانية، وحقوقهم المشروعة التي أقرتها المواثيق الدولية حديثا.
ويضيف أن، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، لم يرفع السيف إلا في وجوه الذين جاؤوا من وراء البحار لنهب البلاد واستذلال العباد، وعند هجرته إلى بلاد الشام قدم أعظم الدروس في التسامح وحوار الحضارات.
ويبرز الدكتور قوراري أن، معالم القانون الدولي الإنساني في شخصية الأمير عبد القادر تجلت في أشكال عدة، ذكر بعض صورها بوعلام بسايح في كتابه “من لويس فليب إلى نابليون الثالث، الأمير عبد القادر مغلوبا لكن مظفرا”.
كان للامير أسرى منذ 1833، من بينهم النساء تهتم بهن أمه وزوجته، وتسهران على أن يكون إعتقالهن أقل قساوة، وأن يصان شرفهن، وفي رسالة موجهة من أحد سجناء 1842، إلى القائد الفرنسي : ” تعامل معي عبد القادر بشهامة قد لا أجدها في بلدان أوروبا الأكثر تحضرا”.
ويقول الدكتور بريك الله حبيب، أستاذ التعليم العالي بالمركز الجامعي بتندوف :” لا يختلف إثنان في إنسانية وحكمة الأمير عبد القادر الجزائري، وفي عالميته، ولعل أزمة دمشق عام 1860 خير شاهد على تلك الحكمة الربانية للأمير في التعاطي مع ما وقع للأوروبيين والمسيحيين، وكيف استطاع أن يؤسس لمفهوم إنسانية المجتمع الجزائري لدى الأخر”.
عبد القادر محي الدين بن مصطفى،المعروف باسم الامير عبد القادر الجزائري،ولد سنة 1807، بقرية القيطنة بوادي الحمام غرب معسكر.
قضى مرحلة شبابه في تحصيل العلم بمسقط رأسه، تعلم على ايدي شيوخ المنطقة وتمكن من معرفة أساسيات العلوم الدينية،اللغوية،التاريخ والشعر.
رافق والده إلى الحج مرورا بتونس،ثم الاسكندرية فزار معالم القاهرة التاريخية،واختلط بعلمائها وفقهائها.
أظهر شجاعة خلال المعارك التي خاضها على أسوار مدينة وهران.
بسوريا كرس نفسه للدراسة والتصوف والفقه،والأحاديث النبوية الشريفة وتفسير القرآن. وكان من بين المدعوين إلى تدشين قناة السويس في 1869، توفي في 26 ماي 1886 بدمشق عن عمر 76سنة. نقل جثمانه إلى الجزائر في 1966.