استخدم الاستعمار الفرنسي منذ أن وطأت أقدامه الجزائر كل الوسائل المحظورة، والمحرمة دوليا ضد الجزائريين العزل والمجاهدين من أسلحة حارقة، الألغام، الأسلحة الكيماوية، السلاح النووي، النابلم.
من الغازات الخانقة الأكثر استعمالا هي الغازات المنبعثة عن النيران المشتعلة وأحسن مثال عن ذلك الإبادة الوحشية لقبيلتي بني صبيح في 1844 في مغارات جبال الظهرة، قبيلة أولاد رياح في غار الفراشيش بجبال الظهرة في 1845.
ومن أفتك الأسلحة ضد جيش التحرير الوطني الألغام، حيث زرعت حقولا من الألغام بخطوط منتظمة مضادة للدبابات والأفراد، وأسلاك شائكة على الحدود الشرقية والغربية عبر خطي شال وموريس في 1956، من أجل قطع أي إتصال للثورة بالخارج، بث فيها تيار كهربائي تتراوح طاقته بين 5 آلاف وآلاف فولط، بمعدل 50 ألف لغم في كل عشرين كلم.
وأكبر جريمة ارتكبتها في حق الجزائريين التفجيرات النووية بصحراء الجزائر بأكثر من 17 قنبلة وتجربة نووية بطاقات تفجيرية تجاوزت حدود التجربة والبحث العلمي، تتراوح طاقتها التفجيرية بين 10 و70 كيلو طن.
أولها اليربوع الأزرق تلتها تجربة ثانية في 1 أفريل 1960 سميت باليربوع الأبيض ثم تلتها اليربوع الأحمر ثم اليربوع الأخضر في أفريل 1961 وبطاقة 10 كيلو طن لكل واحدة منهما. وحوالي 13 تفجير باطني.
في المقابل اعتمدت فرنسا الاستعمارية أساليب دنيئة ومحرمة ضد المدنيين الجزائريين، بارتكاب جرائم إبادة جماعية للسكان وتفنن الضباط العسكريين في التنكيل بالمواطنين وتجميعهم في محتشدات عسكرية واستخدام الكلاب المدربة لمصارعة الإنسان.
صـور عـن “الحضارة” التي بشـر بها الكولونياليـون
ويؤكد الأستاذ أسامة غربي من جامعة المدية في دراسة له بعنوان “التأصيل القانوني لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر” إن ظاهرة الإبادة والمذابح الجماعية لازمت الإدارة الاستعمارية طيلة تواجدها في الجزائر”.
ومن أشهر مجازرها مذبحة قبيلة العوفية بالحراش في أفريل 1832، ومجازر 8 ماي 1945، ومجازر 17 أكتوبر 1961 ضد المهاجرين الجزائريين بفرنسا.
ويشير الباحث إلى أن التعذيب كان أشهر وأبرز الأساليب الاستعمارية التي انتهجتها فرنسا في الجزائر، وأنشأت لذلك مدارس خاصة مثل مدرسة “جان دارك” في 11 ماي 1958 بسكيكدة، وهي متخصصة في تعليم فنون التعذيب الوحشي، ووضعت إدارة الاحتلال مهمة انتقاء الجنود المكلفين بالتعذيب موكلة إلى جهاز خاص.
ففي 1957 جيء بحوالي 100 ضابط من مختلف الوحدات العسكرية اختيروا من هذا الجهاز لممارسة التعذيب والقمع الوحشي.
ويضيف الأستاذ غربي: “فتحت للتعذيب مراكز مؤقتة مثل مزرعة أمزيان بالقرب من قسنطينة، أو فيلا سوزيني في الجزائر العاصمة، وساعدت مصانع التعذيب هذه على تخريج الإجرام”.
ويبرز ممارسة الجلادين على المستنطقين أشكالا عديدة من التعذيب يقف الإنسان أمام معظمها مذهولا، وكان التعذيب يجري يوميا وبانتظام.
ومن بين أساليب التعذيب التيار الكهربائي، الحرق بالنار، استخدام السقوط الحر، قلع الأسنان والأظافر، التعذيب بواسطة الجري والجلوس على الزجاج، بتر الأصابع والأذن والأعضاء التناسلية، استعمال الماء والصابون، تسليط الكلاب على السجناء، دق المسامير في أجساد المعتقلين، إجبار السجين على بناء جدران وتهديمها ثم إعادة بنائها، الإرغام على كنس الطريق والساحة العمومية بواسطة اللسان، الإرغام على شرب البنزين، حشر الأصابع بين الباب وإطاره ثم الإقفال عليها، ارتكاب الفاحشة سواء على النساء أو الرجال، ويتمّ ذلك على مرأى من الناس، التعذيب بواسطة حفر القبور.
وعند اندلاع الثورة، عمدت الإدارة الاستعمارية إلى الترحيل القسري للمدنيين من قراهم ومشاتيهم وتجميعهم في محتشدات عسكرية تحيط بها أسلاك شائكة، بهدف فصلهم وإبعادهم عن الثورة ومنع المجاهدين من التزود من المواد الغذائية والأدوية والمعلومات، ويقوم بمراقبة هذه المراكز جيش فرنسي يراقب كل حركات الجزائريين.