يعود تاريخ منطقة برج بوعريريج، إلى العصر الحجري الحديث، حيث وجدت محطات أثرية مثل العلمون، بوصفري.
تحتوي المنطقة قطعا من حجر الصوان المصقول وبعض القلل والفؤوس، وجدت بإقليم الولاية آثار تعود للفترة النوميدية وهي عبارة عن أحجار كبيرة الحجم لمعاصر الزيتون لتدخل منطقة برج بوعريريج مرحلة الإحلال الروماني بعد هزيمة النوميديين.
مرت على مدينة برج بوعريرج، حضارات وأقوام، ويعود أصل التسمية إلى عهد الأتراك العثمانيين عندما استعملوا البرج في المناطق المرتفعة للحراسة والمراقبة.
حسب مصادر تاريخية، كلمة البرج، تعني المكان المرتفع المطل على الجهات المجاورة والمنخفضة.
وقد نسب البرج إلى أبي عروج، وهو الحارس التركي الذي كان يضع خوذة نحاسية فوق رأسه وعليها ريش في شكل عروج الديك في شكل خوذات عسكرية خاصة بالحراسة آنذاك.
وسميت المدينة بالقلعة أو برج بوعريريج ثم تحول إلى التصغير برج بوعريريج، وقبلها كانت تسمى القلعة أو القلاع في المرتفعات.
وقد أطلق الأتراك كلمة برج على مدن عديدة منها برج زمورة، برج غدير، برج مجانة، برج قارة، برج مجاز.
وهناك رواية أخرى تنسب إلى الداي التركي بابا عروج، بحيث أن الجنود كانوا يضعون ريشة فوق الخوذ لتظهر من أعلى برج الحراسة وفي كلتا الحالتين فإن أصل التسمية تركي.
برج مجانة، حشم ومقدم تعود أصول الحشم إلى سهل غريس بمعسكر، وهم من العرب وقد جلبهم أحمد المقراني في 1563 الى منطقة مجانة برج بوعريريج، بعد أن شاركوا معه ومع حسن بن خير الدين، في حملة عسكرية على وهران وأظهروا شجاعة فائقة في القتال وقد أصبحوا بعد ذلك يشكلون فرق الحرس الهامة، التي استعانت بها عائلة المقراني، لتوطيد نفوذها في المنطقة وتكاثر عدد هؤلاء واستعان بهم الحاج المقراني، في ثورته في 1871.
لكن فشل الثورة جعل الإدارة الفرنسية تقرر نفي قسم هام من هذا العرش إلى نواحي سطيف، والمسيلة وهناك أعطيت لهم بعض الأراضي، التي انتزعت من أعراش أخرى مثلما حصل مع السوامع بالمسيلة، مما أدى إلى ظهور مشكل عقاري استمرت تداعياته لفترة طويلة.
أولاد مقدم، ينتسبون إلى جدهم مقدم بن علي بن سعيد بن علي بن يوسف، بن داود بن يحيي بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الجبار بن عبد الرزاق، بن عبد الجبار بن مقدم بن محمد بن إبراهيم بن بليكين تميم بن احمد بن إدريس بن إدريس الأكبر.
البيبان ممر استراتيجي
البيبان أو أبواب الحديد، هي ممر استراتيجي بين جبال ونوغة وبابور للربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب الجزائري.
تميزت منطقة البيبان أثناء فترة الحكم العثماني بامتدادها الاستيراتيجي في إمارة بني عباس، وخاصة مشيخة مجانة، حيث التزم الأتراك بدفع إتاوات حق المرور عبر الممر مع تنكيس الأعلام وإخفاء الأسلحة بموجب الإتفاقية المبرمة بين المقرانيين والأتراك، ومازال أحد الممرات أو النفق عليه باب حديدي شاهدت إلى اليوم، حيث يبدأ من مدخل حمام البيبان وينتهي في ولاية خنشلة.
نقوش وكتابات تؤرخ لمرور الإنسان البدائي بالمنطقة
يوجد بالمنطقة بقايا عديدة وبعض الأسلحة المصنوعة من الحجر، و أواني من الحجر والفخار وبعض النقود والنقوش والكتابات، التي تدل على مرور الإنسان البدائي بالمنطقة، وتتواجد هاته البقايا بدائرة الحمادية، و مجانة، و رأس الوادي، وبرج زمرة، وبليمور ، ودائرة برج الغدير، والتي تشتمل على العديد من المساجد العتيقة كمسجد أولاد لعياضي، العتيق و الجديدة كمسجد البشير الإبراهيمي.
وتزخر منطقة القلة، بغاباتها الكثيفة، وأراضيها الوعرة. وتشتهر أيضا بمجاهديها الذين ساهموا في تحرير الجزائر.
حمام البيبان وابانيان، يقع هذا الحمام في المدخل الغربي لولاية برج بوعريرج، وتحديدا ببلدية المهير، يقدم فوائد كبيرة للمرضى، بفضل المياه المعدنية الطبيعية التي تصل حرارتها لأكثر من40 درجة مئوية، وهي صالحة لعلاج الأمراض الجلدية، والتهابات المفاصل والعظام والروماتيزم وغيرها.
يوجد ببرج بوعريريج أيضا حمام آخر في الجهة الشمالية وهو حمام “ابانيان” بقرية أولاد حالة، بلدية الماين.
يوجد بقرية الصمة، والتابعة لبلدية بن داود، في أقصى جنوب غربي ولاية برج بوعريريج، موقع اثري للإنسان الأمازيغي القديم والذي عمر بالمنطقة لعقود، وسكن تلك الكهوف والجبال المتواجدة بالمنطقة.
توجد بوسط الصخور جدارية تشبه الى حد كبير جداريات بمنطقة الطاسيلي في الجنوب الجزائري، توجد بها كلمات واسطر كاملة من أحرف “التيفيناغ” مكتوبة باللون الأحمر، صمدت آلاف السنين في وجه الظروف الطبيعية والمناخية الصعبة، التي تسود المنطقة، انه موقع أثري لم يستكشف بعد، ومغارات لم يدخلها أي أحد إلى يومنا هذا، والتي يستلزم دخولها عتاد خاص وحديث، كونها مظلمة جدا، مع احتمال وجود مفاجآت هناك واخطارا، وحتى وجود حيوانات وزواحف تعيش بداخلها.
زمورة منطقة العلم والعلماء والشيوخ
تشتهر منطقة زمورة، التي تبعد بحوالي 40 كلم عن برج بوعريريج، بالعلم والعلماء، ومنهم الشيخ العلامة أحمد بن قدور، والذي شرح كتاب “سيبويه”، وله تعليقات كثيرة على “مجموع المتون”، والعلامة الشيخ عمر أبي حفص الزموري، ومنهم العلامة الشيخ “علي أبوبكر ” ، كما أنها تعتبر أقدم من الولاية ذاتها والتي تعود للعهد الروماني.
“زمورة” مدينة غارقة في التاريخ، حيث سكنها الرومان والأتراك ويعيش بها حاليا الكثير من العائلات التركية، تشتهر “زمورة ” بمساجدها الكثيرة، ودور العلم، تعد مركزا علميا مهما في ولاية البرج، وقد زارها الجنرال”ديغول ” إبان الاستعمار الفرنسي، وعزز تواجد القوات الاستعمارية هناك لا لشيء سوى لأنها كانت منطقة استراتيجية ولوجستية بالمفهوم العسكري، كما أن الجيش الإنكشاري أسس أول قواعده بها، وبالجزائر العاصمة وبقسنطينة.
وتشير المصادر التاريخية، إلى الرسالة التي بعثها الباب العالي إلى قائد الجيش الانكشاري بالمغرب العربي، والتي قال له فيها ركز جيشك في ثلاث مناطق وهي “الجزائر وزمورة وقسنطينة “.
زوايا تخرج منها كبار الشيوخ وأعلام المنطقة
تتوفر ولاية برج بوعريريج على العديد من الزوايا والمساجد العتيقة الموجودة عبر مختلف بلدياتها، والتي يمكن استغلالها في إطار السياحة الدينية، حيث لا تخلو من مناطق برج بوعريريج إلا وقد وجدت بها زاوية أو مدرسة قرانية أو كتاب.
ومن أهم الزوايا الموجودة بها نجد زاوية القليعة بتاسامرت، وزاوية سيدي احسن، بغيلاسة و سيدي مخلوف، بالمنصورة والربيعيات والحمادية و عبد الرحمان الجيلالي، بتفرق وزايتا اولاد عبد الواحد بلعيساوي، برأس الوادي، وزاوية أحمد بن علي، ببلدية الرابطة، وقد تخرج منها كبار الشيوخ وأعلام منطقة برج بوعريريج.
إلى جانب ذلك تزخر الولاية بالمساجد العتيقة، حيث يوجد مسجد تيزي اورير، بمنطقة برج زمورة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث هجري، ومسجد اولاد سيدي ابراهيم ، الذي بناه الولي الصالح ابراهيم ابوبكر، في القرن الثامن هجري، والذي يعد من المساجد التي بنيت بشكل هندسي مميز ونسيج زخرفي معماري رائع.