كسبت الثورة الجزائرية دعم العديد من دعاة التحرر في العالم من قادة ومفكرين وأطباء وصحافيين ومحاميين، نظير مواقفهم المشرفة ودعمهم للقضية الجزائرية العادلة.
الجزائر ستظل وفية لمناصري وداعمي الثورة التحريرية، الذين دافعوا عن كفاحها العادل ضد الدولة الإستعمارية الفرنسية، نذكر منهم فرانسيس جاكوب، أحد أعضاء هيئة المحامين المدافعين عن جبهة التحرير الوطني، الصحافي الايطالي برناردو فالي، الذي منحته الجزائر وسام أصدقاء الثورة التحريرية، فرانسوا ماسبيروا، هيلين كينات، دعمت نضال الجزائريين في إطار شبكة جونسون حاملي الحقائب، المحامي جاك فرجيس، والصحافي بيرناردو فالّي، المقيم في باريس لمساهمته في تغطية ونقل صور وأحداث مظاهرات17 أكتوبر 1961، رفضا للاستعمار، وغيرهم.
أكد المجاهد والدبلوماسي الأسبق نور الدين جودي، الذي انتخب رئيسا لجمعية أصدقاء الثورة الجزائرية، في تصريح لـ”ذاكرة الشعب”، أن أصدقاء الثورة جزائريون لأنهم حملوا قضيتنا في القلب ودافعوا عنها بإخلاص متحدين القوة الإستعمارية، وأعطى مثالا بموريس أودان، الذي عذب وأغتيل بسبب موقفه ودعمه لنضال الجزائريين.
وأشاد بعبقرية الثورة الجزائرية التي إستعانت بأصدقاء الثورة في حربها مع المحتل، وأكد أن أي جيش في العالم لا يمكنه أن ينجح بدون مساعدة الشعب، وتحدث جودي عن ما اسماه دبلوماسية الحرب وهو الاعتماد على أصدقاء الثورة من عرب وأجانب في إيصال صوت عدالة قضيتنا إلى العالم.
وأشار إلى انه حين كان أول ممثل لجبهة التحرير الوطني في 1956 بلندن ببريطانيا، كان لنا أصدقاء ساندوا الجزائريين في بث صورة الكفاح الثوري، ودحض ادعاء الإدارة الاستعمارية بأن الجزائر فرنسية وأننا قطاع الطرق، وذكر ثلاث برلمانيين بريطانيين هم فار واي بروكواي، وانطوني وتربارة كاست، وتحدث ايضا عن صاحب شركة “إيني” للنفط أنريكو ماتي، الذي سلتد لبجزائر كثيرا في قضية المفاوضات مع فرنسا حول النفط في الصحراء الجزائرية.
وقال: “هذا ما جعل العلاقات الجزائرية اليوم قوية مع إيطاليا، حيث أرسى المناضل الطيب بولحروف، روابط قوية مع شخصيات إيطالية التي ساعدتنا، هذا كان من بين الأسلحة التي استعملتها جبهة التحرير لإظهار للعالم بأن هناك دولة حاولت فرنسا محوها، وحاربنا من اجل استرجاع كرامتنا وحريتنا وسيادتنا”.
اعتبر الدبلوماسي الأسبق جودي، تأسيس جمعية أصدقاء الثورة بأنها مبادرة جيدة لكن كان من المفروض أن تؤسس من قبل، ويرى أن تأسيسها يساهم في تسجيل الذاكرة والحفاظ عليها وإعطاء التاريخ الحقيقي، وإظهار بأنه رغم أن هناك دول حليفة لفرنسا كان لنا أصدقاء من هذه الدول، ونؤكد لهم بأن الجزائريين شعب لا ينسى مساندة الأصدقاء في الظروف العصيبة ولا ينكر فضل من أحسن إليه.
وقال: “هم الأصدقاء الحقيقيون، نحن مرتبطون بالوفاء لمن ساعدنا، ويجب على الجيل الجديد أن لا ينسى ذلك”.
وأشار المجاهد جودي، إلى أصدقاء أوروبيين بما فيهم فرنسيين، ساعدونا إبان الثورة بطريقة سرية وخاطروا بأنفسهم من اجل الجزائر وينتمون لديانات أخرى، وللأسف لا نتحدث عنهم مثل المطرب سارج ريجياني، الذي قدم الكثير للجزائر وسط الجالية الجزائرية بفرنسا، والشاب بيار قناسا، يهودي من تنس، الذي مات في صفوف جيش التحرير الوطني، كان يلقب الحاج.
ويؤكد الدبلوماسي الأسبق، انه لم يكتب كل شيء عن أصدقاء الثورة، وانه لمدة طويلة تاريخ الجزائر كتبه أجانب، وحاليا هناك مؤرخين وكتابات بأقلام جزائرية تكتب تاريخنا مثلما عشناه، وشدد على إعطاء أصدقاء الثورة حقهم في الكتابات التاريخية، والحديث عنهم في محاضرات وندوات، وأضاف أنه يجب ترك كتابات ومذكرات وشهادات لأجيالنا عن هؤلاء الذين كانوا بجانبنا في أحلك الظروف.
وقال:” نحن جيل الثورة في طريقنا إلى الزوال يبقى على جيل اليوم رفع المشعل، في جيش التحرير عندما كنت ضابط، كان المسؤولين يقولون لنا دائما يجب أن تستلهموا من دروس الماضي ونضال أجدادنا، وعندما زارنا نيلسون مانديلا، في الجبال وكان لي الشرف كضابط يتقن اللغة الإنجليزية الحديث معه، تعجب من كثرة الشباب في صفوف جيش التحرير الوطني، وأجبناه أننا شباب نتبع تعاليم ودروس أجدادنا “.
وذكر محدثنا بتضحيات الشهداء التي مكنت شباب اليوم، من ولوج الجامعات وتبوأ مناصب عليا في الدولة كوزراء أو ضباط في الجيش أو باحثين، وأعرب عن إفتخاره بالجيل الجديد الذي أبدع في مختلف العلوم والإبتكارات، ورفع اسم الجزائر في المسابقات الدولية بتبوأه المراتب الأولى في الإختراعات العلمية والتكنولوجية، وقال:” كنا بالأمس نلقب بالأهالي في وطننا واليوم أصبحنا أحرارا”.
وأشاد جودي، في حديثه بالدبلوماسية الجزائرية، التي تحترم سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونهم، وما حصول الجزائر على مقعد في الأمم المتحدة لدليل على قوة الدبلوماسية الجزائرية الرزينة، أضاف الدبلوماسي الأسبق.