تمر اليوم الذكرى السادسة لوفاة المجاهد المرحوم مصطفى بن عودة، المدعو السي عمار، وعضو مجموعة الـ22 التاريخية، التي فجرت ثورة أول نوفمبر 1954.
ولد المرحوم بعنابة، في 27 سبتمبر 1925؛ كان والده مناضلا في صفوف نجم شمال إفريقيا، ما اتاح له فرصة الاحتكاك بالمناضل النّقابي والوطنيّ التّونسيّ “حسن النّوري” (1905-1939م)، الّذي اعتقل من قبل مصالح الأمن الفرنسية، بسبب نشاطه في صفوف الحزب الدّستوري الجديد، ونفي إلى عنابة حيث اتصل بوالد بن عودة ولازمه.
انضم بن عودة، إلى الجمعية الفنّية (المزهر البوني) وقد شارك في العديد من أنشطتها الفنيّة، لا سيما المسرحية منها، وحفظ من خلالها جملة من الأناشيد الوطنية؛ إذ كانت هذه حريصة على غرس الرّوح الوطنية في الشّباب والعمل على توعيتهم وإبعادهم عن الآفات الاجتماعية، الّتي ما فتئت تشجعهم عليها الأوساط الاستعمارية وأعوانها.
وفي إحدى المظاهرات، الّتي نظمت في 11 مارس 1937م، بمناسبة إحياء ذكرى تأسيس حزب الشّعب الجزائريّ؛ رفع بن عودة خلالها العلم الجزائري، كرد فعل على حل نجم شمال إفريقيا، أواخر جانفي من السّنة نفسها.
انخرط بن عودة، في صفوف الكشّافة الإسلاميّة، فوج “المنى” الّذي كان يقوده المناضل “لحسن شريف”؛ كان ذلك خلال الفترة الممتدة ما بين عامي: 1936 و1937م؛ لينتقل مع مطلع 1943 إلى فوج “احميدة بليلي”، التّابع لحزب الشّعب الجزائري، وهكذا صار يشارك في النّشاط السّري للحزب، إلى أن اعتقل في 1944، رفقة مجموعة من مناضلي الحزب، وفي حوزتهم أعداد من صحيفة العامل الجزائري، ونسخ من رسالة كان قد بعث بها مصالي الحاج، من منفاه وسجن بسببها.
بعد الإفراج عنه؛ التحق بن عودة أواخر 1945م بحزب الشّعب الجزائري، لاستئناف النّضال السّـياسيّ، وما لبث أن انخرط في صفوف المنظمة الخاصة ( (L’OSفاختارته قيادتها في 1948، مستشارا لها؛ وعندما اكتشف أمرها، اعتقلته الشّرطة الاستعمارية مرة أخرى في22 مارس 1950 وقدّمته للمحاكمة، وزّج به في سجن عنابة، الّذي سرعان ما فرّ منه في21 أفريل 1951 رفقة بعض من رفاقه، على رأسهم البطل الرّمز زيغود يوسف.
انخرط في النّشاط السّري بدوار بشير (نواحي سكيكدة) ثم انتقل إلى منطقة القبائل؛ شارك في الاجتماع التّاريخي، الّذي عقدته مجموعة الـ 22 بمنزل المناضل إلياس دريش، بالمدنية، يوم 24 جوان 1954م؛ وتقرر فيه تعيينه عضوا مسيرا للمنطقة الثّانية (الشّمال القسنطيني).
كلّف من قبل قيادة الثّورة بتنفيذ العديد من العمليات العسكرية في محيط مدينة عنابة ونواحي قالمة؛ شارك في اجتماع مسيري المنطقة الثّانية، المنعقد بجبل “زمان” في الفترة الممتدة ما بين 25 جوان و01 جويلية 1955م، والّذي تقرر فيه الشّروع في شنّ هجومات نوعية في وضح النّهار، اختير لها تاريخ 20 أوت 1955م، لتكون عبرة للقوى الاستعمارية؛ وقد أسندت له فيها قيادة ناحية عنابة وضواحيها.
انتخب على إثر مؤتمر الصّومام في 20 أوت 1956، عضوا بالمجلس الوطني للثّورة الجزائرية، ولما تقرر تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في19 سبتمبر 1958 بالقاهرة، عيّنته قيادة الثّورة بوزارة التّسليح والتّموين، الّتي كان على رأسها وقتذاك محمود الشّريف.
ولما اتفقت حكومتي الجزائر وفرنسا على التّفاوض حول مسألة تقرير المصير واسترجاع الجزائر سيادتها وبسطها على كامل ترابها؛ كلّف بن عودة، بتمثيل جيش التّحرير الوطني في الوفد المفاوض بإيفيان في20 ماي 1961- 18 مارس 1962م).
بعد أن نالت الجزائر استقلالها شغل بن عودة، مناصب عديدة في الدّولة الجزائرية؛ فقد عيّن ملحقا عسكريا بالقاهرة، فباريس، ثم بتونس، سفيرا بليبيا في 1979، وخلال فترة رئاسة
الشاذلي بن جديد، عيّن هذا الأخير بن عودة كمستشارا لرئاسة الجمهورية، فرئيسا لمجلس الاستحقاق الوطني.
توفي بن عودة، صبيحة الاثنين 05 فيفري 2018م، بالعاصمة البلجيكية (بروكسل) عن عمر ناهز 93 عاما.