متحررون في أذهانهم رواد في الكتابة والشعر والقصة، ناضلوا من أجل القضية الجزائرية وهم في عز شبابهم، إغتالهم الإستعمار بوحشية.
محمد الأمين العمودي، أحمد رضا حوحو، الربيع بوشامة، العربي التبسي، عبد الكريم العقون، مولود فرعون وغيرهم من الأدباء العظماء فقدتهم الجزائر التي كانت تئن تحت أغلال الإستعمار.
تطرق الباحث والأكاديمي أحمد حمدي، في ندوة بعنوان استذكار الأدباء الشهداء، على هامش معرض الكتاب في طبعته الـ25 إلى مجموعة من الأدباء الذين استشهدوا بطريقة بشعة بسبب مواقفهم ضد الإدارة الإستعمارية، منهم الشاعر الكبير والصحفي والناشط السياسي محمد الأمين العمودي، الذي كان يملك جريدة La Défense، أختطف سنة 1957 أثناء معركة الجزائر وأغتيل بطريقة بشعة ورمي من قطار في البويرة.
ووصف الدكتور حمدي الشهيد العمودي بأحد نوابغ الجزائر له مواهب شعرية كثيرة وإنتاجه الشعري الإجتماعي يعبر على الروح الجزائرية، أسس جريدته لخدمة الجزائر قبل وأثناء الثورة.
هو من مواليد 1891 بالوادي، درس هناك ثم انتقل إلى العاصمة وعمل كأمين عام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين عندما تأسست في 1931.
وأشار المحاضر إلى أن إغتيال العمودي كان بسبب التقرير الذي كتبه حول التعذيب في الجزائر والضحايا بأمر من عبان رمضان وقدمه للأمم المتحدة ما جعل الوفد الفرنسي ينسحب، فقررت السلطات الفرنسية البحث عن الشخص الذي له القدرة الكتابية العالية فعرفوا أن الكاتب العمودي، وقرروا إغتياله كرد على هذا التقرير الذي نشر في الأمم المتحدة.
نموذج آخر من الشهداء الأدباء هو الشاعر الموهوب الربيع بوشامة الذي يملك إنتاجا غزيرا مكرسا الحياة الوطنية وللنضال. جمع المرحوم جمال قنان آثاره وهو ديوان قيم مكتوب.
ودعا حمدي الطلبة لدراسته، وقال: “الربيع بوشامة نموذج للكاتب العضوي المضحي مازال في حاجة إلى دراسات علمية أكاديمية”.
عبد الكريم العقون شخصية لم تتعرض لها الدراسات الأدبية وكليات الآداب بالجامعات الجزائرية، كرس جهده لبناء الوطن من خلال التعليم والنضال والتوعية، شاعر يميل في بدايته إلى شعر الرومانسية والطبيعة، لكن بمجرد إندلاع الثورة انسجم ضمن مجموعة جبهة التحرير الوطني ولقي نفس المصير، هذا ما أكده الباحث حمدي.
وذكر الأكاديمي شهيد آخر وهو أحمد رضا حوحو، الذي عاش في سيدي عقبة ببسكرة ثم إنتقل إلى الحجاز، وأسس البريد، يتقن لغات عديدة، قاص وأول من كتب عن المرأة في قصة “غادة أم القرى” التي يقصد بها مكة، حيث تناول معاناة المرأة في السعودية.
عاد إلى قسنطينة للتدريس مع الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس، وفي1957 حكمت جبهة التحرير الوطني بحكم الإعدام على محافظ الشرطة بقسنطينة، فقامت المجموعات الفرنسية المتطرفة بإختطاف رضا حوحو وقتله في جبل الوحش. لقي نفس مصير محمد الأمين العمودي.
يقول الدكتور حمدي: “حياته غريبة وطويلة وتحتاج إلى دراسات”، شخصية كبيرة أخرى أغتيلت غدرا هو مولود فرعون روائي وقاص كبير دقيق الملاحظة، إنتاجه جال الكثير من دول العالم.
وأشار المحاضر إلى أن إغتيال مولود فرعون جاء ضمن سياسة الأرض المحروقة التي إتبعتها فرنسا بالجزائر، وتحدثت فازية فرعون إبنة الشهيد عن روايات والدها التي صدرت بعد وفاته وهي “مدينة الورود”، وركزت في مداخلتها على شعرية الرواية وبنيتها عند مولود فرعون.
وقالت: “شعرية الرواية عند فرعون ليست سطحية، بل تستفيد من كل الروايات والتقينات الحديثة تترك قارئ الرواية في شك، حيث إعتمد طريقة العودة إلى الأحداث”.